التعهد بعدم زيادة الضرائب.. هل يمثل عقبة أمام رفع سقف الدين الأميركي؟

TT

لقي الوعد الذي قدمه نواب الكونغرس الأميركي للناخبين بعدم رفع الضرائب اهتماما متزايدا مع اقتراب الثاني من أغسطس (آب)، الموعد النهائي لرفع سقف الدين الأميركي. وقد وضعت الحركة التي أنتمي إليها «أميركيون من أجل الإصلاح الضريبي»، العهد في عام 1986 لإجبار أعضاء الكونغرس على رفض التصويت مع أي مقترح أو مشروع قانون يدعو لزيادة الضرائب. وكمثال على ذلك، فإن التعهد الكتابي يلتزم فيه المرشح أو المسؤول المنتخب، ليس فقط بالمعارضة، بل والتصويت ضد رفع الضرائب. وعلى مدار السنوات السابقة وقع الكثير من المرشحين والمسؤولين المنتخبين على التعهدات، كان من بينهم 236 عضوا حاليا في مجلس النواب و41 سيناتورا في مجلس الشيوخ.

بيد أنه لا يزال هناك بعض الارتباك في الوقت الحالي بشأن ما يعنيه وما لا يعنيه هذا العهد، وقد حاول الكثير من الأفراد إعادة تحديد أهدافه كي يتسنى للموقعين عليه دعم الزيادات الضريبية. لكن الحقيقة هي أن العهد لم يتغير، حقيقة الأمر أن على الأعضاء الموقعين الالتزام بتعهدهم بمعارضة الزيادة الضريبية التي ينوي الرئيس أوباما فرضها لخفض العجز في الميزانية والنضال لخفض حجم الحكومة الفيدرالية.

ولكن هل يمثل هذا التعهد مشكلة أمام حل معضلة رفع سقف الدين العام في أميركا؟ كان هناك أربعة تحديات كبرى أمام هذا العهد وما يعنيه. الأول: يتمثل في الاتهام بالتورط في السماح برفع سقف الدين، لكن ذلك ليس مشكلة على الإطلاق، فجون بونير، رئيس مجلس النواب، كرر أن المجلس سيمنح الرئيس زيادة سقف الدين بقيمة 2.5 تريليون دولار إذا ما وقع الرئيس أوباما اتفاقا بخفض الإنفاق الحكومي من المستويات المخطط بنفس الكمية أو أكثر.

المشكلة التي ينبغي للرئيس أوباما حلها ليست العجز، بل هي الإنفاق الزائد. فقد كان الإنفاق الفيدرالي في عام 2008 المالي 2.9 تريليون دولار، وسوف تنفق واشنطن 3.8 تريليون دولار في العام المالي المنتهي في 30 سبتمبر (أيلول). ورفع الضرائب هو ما يقوم به السياسيون بدلا من الإصلاح وخفض إنفاق الحكومة. ويفضل المدافعون عن الاحتفاظ بحجم الحكومة المتضمنة الحديث عن العجز في الميزانية بدلا من الإنفاق، لماذا؟ لأن هناك حلين لمشكلة العجز، الأول يتمثل في خفض الإنفاق والثاني في رفع الضرائب. وبعبارة أخرى، فإن القضية ليست في العهد، بل في عدم قدرة واشنطن على التعامل مع مشكلتها الخاصة بالإسراف. ولا يوجد هناك سوى سبيل واحدة لمكافحة زيادة الإنفاق ألا وهو خفض الإنفاق.

يتمثل التحدي الثاني في أن أعضاء الكونغرس تعهدوا للأميركيين بالسعي للإصلاح الضريبي، أو حتى لي بصورة شخصية، ومن ثم فلن تكون مشكلة كبرى إذا ما حنثوا بوعودهم. فهذا محض هراء، لأن التعهد يؤكد بشكل واضح على الالتزام تجاه مواطني ولاياتهم ودولتهم. وخلال دورة الانتخابات الأخيرة انتخب هؤلاء الأفراد أغلبية مجلس النواب الذين قطعوا هذا الوعد لدوائرهم الانتخابية.

وقد حاول آخرون إعادة تعريف «زيادة الضرائب» من خلال التأكيد بشكل خاص على أن إلغاء الائتمان الضريبي أو استثناءه أو خفضه لتحصيل المزيد من الدخل الضريبي لا ينبغي أن ينظر إليه على أنه زيادة ضريبية. الفكرة في ذلك هي أن أي دولار تفشل الحكومة في الحصول عليه من المواطنين عبر الضرائب قد رد إليهم في الحقيقة عن طريق برامج الإنفاق. ووفق هذا المنظور فإن الذين يقولون إن خطة الضرائب المنخفضة البديلة، ليست زيادة ضريبية، نكتة حمقاء لن تنطلي على ملايين الأميركيين الذين يتضررون منها سنويا، وعندما يعتدي عليك لص في الشارع ويأخذ محفظة نقودك ويتركك سليما دون إصابة، فلا يمكن أن تقول إنه لم يعتد عليك، لأنه في الحقيقة لم يعطك حافظة نقودك.

وأخيرا كان هناك الكثير من الارتباك، البعض منه كان خطئي حول ما إذا كانت نهاية التخفيضات الضريبية لعامي 2001 و2003 أو الضرائب المنخفضة البديلة، التي تنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2012، ستعتبر زيادة ضريبية. وإذا ما انتهى العمل بها فسوف تتمكن الحكومة من جمع 4 تريليونات دولار إضافية خلال العقد المقبل أكثر مما إذا أبقت على هذه التخفيضات الضريبية قائمة. موقفي وتأثيرات التعهد بشأن التخفيضات الضريبية المؤقتة واضح. فإذا لم يكن هناك تصويت في الكونغرس وارتفعت الضرائب بشكل تلقائي فلن يضطر السياسيون إلى التصويت على ضرائب أعلى، ولن يتمكن مسؤول منتخب من حنث وعده.

لكن ذلك يختلف عن دعم الخطة التي طرحها بعض الديمقراطيين التي ستنهي بعض أو كل معدلات الضريبة المنخفضة، وائتمانات ضريبية أعلى لكل طفل، وحزم الضرائب المنخفضة البديلة، سياسات مددها الكونغرس بشكل متكرر بموافقة كلا الحزبين. وربما يكون من الصعب توقع فشل هذا الاتفاق في انتهاك تعهد حماية دافع الضرائب. وعلى عكس الآمال التي لدى البعض بأنني متراخ بشأن التعهد، أقول إن التعهد صار أكثر أهمية من ذي قبل. فقد جعلت من السهل بالنسبة للأعضاء في الكونغرس الالتزام بصورة موثوقة تجاه الناخبين في أنهم سيرفضون زيادة الضرائب والتركيز بدلا من ذلك خفض تكلفة الحكومة.

لكن في النهاية، فإن التعهد تعبير واحد عن التزام الجمهوريين بتقليص حجم الحكومة الفيدرالية. وقد توالت تصريحات قادة الجمهوريين، بونير، والنائب إريك كانتور، والسيناتور ميتش ماكونيل، والسيناتور جون كايل، وأكدوا بشكل واضح أنهم لن يسمحوا برفع ضرائب الدخل على الشعب الأميركي كجزء من اتفاق سقف الدين، خاصة إذا ما كان الهدف من هذا الاتفاق هو خفض الإنفاق الجاري الآن الذي يدمر المستقبل الاقتصادي الأميركي ويدمر الوظائف التي نحتاجها.

* رئيس حركة «أميركيون من أجل الإصلاح الضريبي»

* خدمة «نيويورك تايمز»