كيف تضبط أعصابك في رمضان؟

TT

ما أسوأ أن تنتابك نوبة من نوبات الغضب وأنت صائم في نهار رمضان، ولأن شرارة الغضب لا تفسد عليك صومك فحسب، بل تفسد مزاجك ومزاج الآخرين من حولك، في العمل وخارجه، فقد توجهت إلى عضو الجمعية البريطانية لإدارة الغضب، ومؤلف الكتاب الشهير «كيف نفهم الغضب ونتخلص منه»، د. عثمان العصفور، فسألته لماذا يغضب الإنسان فجأة؟ وكيف يتفادى ذلك؟ فقال: إن الإنسان حينما يغضب «تنشط لديه الهرمونات وتصبح في حالة اضطراب غير طبيعي، بسبب تعرضها لمثير خارجي، مثل عبارة جارحة سمعها أو موقف معين تسبب في إيذائه». وهذه «الهرمونات تستجيب استجابة سلبية لهذا الحدث الطارئ»، فتزداد نبضات القلب إلى أكثر من 120 نبضة في الدقيقة الواحدة، علما بأن المعدل الطبيعي هو 80 نبضة فقط.

ومن الأسباب التي تدفع الإنسان إلى أن يستشيط غضبا، «الضغوطات الحياتية التي تعد مولدا رئيسيا للغضب، ومن هذه الضغوطات: الطقس الحار، والرطوبة، وضغط العمل، والازدحام المروري، لا سيما ارتفاع توقعات الموظف الذي يتوقع أن ينجز أعمالا أكثر في اليوم الواحد، فيجد نفسه محبطا في نهاية الدوام لتواضع كمية الأعمال المنجزة، فيتولد لديه شعور بالغضب، ولو أضفنا إلى ذلك الصيام، فإن الموظف يصبح في وضع صعب جدا»، على حد قول د. العصفور.

ويحذر د. العصفور، الذي يقدم دورات تخصصية في إدارة الغضب، الموظفين من مغبة التهاون بما يسميه «جنون الغضب المؤقت»، الذي قد يؤدي إلى حدوث «جلطة قلبية وانسداد بالشرايين، أو خلل في أداء الأوردة، أو ارتفاع سريع في نسبة الكوليسترون في الدم». وذلك لسبب بسيط وهو أن «الموظف حينما يغضب يرتفع ضغطه، ويجد صعوبة في التنفس؛ إذ يستنشق ما نسبته 20 في المائة من الأكسجين بسبب الغضب، أما في الحالات العادية فيستنشق نسبة 80 في المائة، بمعنى أن الغضب يحجب نسبة الأكسجين المتدفق إلى الدماغ، الأمر الذي يسبب صداعا للموظفين يجعلهم في حالة عدم استقرار في نهار رمضان.

ويبدو أن لجوء الموظفين إلى التعبير عن مشاعرهم في لحظة الغضب أمام عميل صعب المراس أو مدير غريب الأطوار، ليس حلا كما يعتقد البعض، إذ يقول د. العصفور إن غضب الموظف «يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في ، فيصبح الإنسان أكثر قوة ونشاطا»، فيتحول هذا الموظف الضعيف إلى كائن بشري قوي جدا، يمكن أن يكسر ويضرب ويتفوه بما لا يشعر به من كلمات جارحة أو نابية، وهذه كلها أمور لا تحل المشكلة، بل تزيد الطين بِلة؛ ولذا فإنه من الحكمة أن يسيطر الموظف على غضبه عبر طرق عدة نفسية وجسدية. على سبيل المثال، عندما يشعر الإنسان أنه «بدأ يرتجف أو يشعر بجفاف في الفم، أو بتعرق، أو بصداع وبرغبة في الذهاب إلى دورة المياه (نتيجة تقلص حجم المثانة البولية)؛ فإنه قد دخل في مرحلة خطرة وهي (السخط) التي يفقد فيها الموظف أعصابه». ومن مؤشرات الدخول في مرحلة السخط «اتساع قرنية العين، التي يلاحظها الآخرون من خلال جحوظ العينين بشكل لافت»

وحتى نتحاشى الدخول في مرحلة السخط الخطرة، يقول د. العصفور إن الحل الأمثل يكون «بالتزام الصمت، والامتناع عن الإشارة بيديه بطريقة انفعالية فيها تهديد أو وعيد، لا سيما التوقف عن نظرات الشزر الغاضبة تجاه الآخرين».

ويدلل د. العصفور على خطورة الانفعالات الآنفة بأن علماء النفس يقولون إن ردود الأفعال هذه تزيد من لهيب الغضب، ويعد أفضل حل «تغيير الموظف الغاضب لوضعية جسده»؛ إذ أظهرت دراسة علمية أجرتها الجمعية البريطانية لإدارة الغضب أن «هرمون الأدرينالين الذي يؤجج الانفعال يكون في أوجه، ويعطي طاقة سلبية وانفعالية، ولتقليله لا بد أن يحاول الإنسان تغيير وضعية جسمه لتخفيض نسبة هذا الهرمون».

[email protected]