حكومة العراق شريكة بدماء السوريين

TT

عشية جمعة «صمتكم يقتلنا» بسوريا، وقعت الحكومة العراقية جملة اتفاقيات مع النظام السوري، بالعاصمة بغداد، اتفاقيات كان حبرها دماء الضحايا السوريين الذين يواجهون قمعا مستمرا عمره عمر انتفاضتهم السلمية!

ففي الوقت الذي يقول فيه السوريون للعرب «صمتكم يقتلنا»، تقدم حكومة نوري المالكي دعما لنظام بشار الأسد، في استخفاف واضح بدماء السوريين العزل، مما يعني أن نوري المالكي، رئيس وزراء العراق، قد انضم إلى قائمة أصدقاء النظام السوري علنا، وهم حزب الله وإيران. وبالطبع فإن المصالح العراقية، بكل درجاتها، لا تحتم دعم نظام الأسد لنقول إن بغداد تتصرف بواقعية، أو لخدمة أولوياتها؛ فالنظام العراقي الجديد كان يفترض به أن يكون رأس حربة العملية الديمقراطية بالمنطقة برمتها، بحسب ما كان يقوله الأميركيون، وما كان يردده أيضا رموز المرحلة العراقية الحالية، لكن ما نراه اليوم للأسف هو العكس تماما.

فعراق اليوم، وتحديدا الحكومة الحالية، هو نظام طائفي صرف، فالنظام العراقي الحالي هو من رفع عقيرة الصوت دفاعا عن شيعة البحرين، وتطاول على حكام الخليج، وأقام الدنيا ولم يقعدها، وحلفاؤه هم من أخرجوا المظاهرات في المدن العراقية منددين بمملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وقوات درع الجزيرة الخليجية، بينما اليوم يستكثر نظام بغداد على السوريين حق المطالبة بالحرية، ورغم كل الدماء التي تسيل في سوريا وعلى يد نظام دمشق حيث قرر النظام العراقي دعم نظيره السوري لأسباب طائفية صرفة، كيف لا وحلفاء نظام بشار الأسد اليوم بالمنطقة هم طهران - بغداد - لبنان، تحت قيادة حزب الله بالطبع، فهل هناك طائفية أكثر من هذه؟!

فحكومة نوري المالكي تقوم بتوقيع الاتفاقيات مع نظام بشار الأسد في الوقت الذي يقاطع فيه العالم نظام دمشق، ويفرض عليه العقوبات، وفي الوقت الذي يناشد فيه السوريون العرب الوقوف معهم في محنتهم غير المسبوقة، وكل مطالبهم هي الحرية والكرامة، فهل يعقل أن يكون هذا تصرف دولة تحترم أدنى الاتفاقيات الدولية، ناهيك عن إيمانها بالديمقراطية، وحقوق الإنسان؟ للأسف الشديد يبدو أن منطقتنا بعيدة كل البعد عن الاستقرار، واحترام حقوق الإنسان، حيث ما زلنا في المربع الأول، فالدول، والساسة، محكومون بمنطق طائفي، وليس منطق بناء الدولة، فإذا كنا نقول إن حزب الله بدعمه للنظام السوري يتصرف بمنطق ميليشيا تابعة لإيران، ومنفذة لأجندتها بالمنطقة، فماذا يمكن أن نقول عن حكومة العراق التي تدعي أنها ديمقراطية وهي تدعم نظاما يقمع شعبه بشكل وحشي؟

وكما قلنا مرارا وتكرارا إن إحدى حسنات الزلزال السياسي الذي يضرب منطقتنا هو سقوط الشعارات الكاذبة، من مقاومة، وديمقراطية، وممانعة، وعروبة، وخلافه، ولم يسقط هذا الزلزال الأقنعة عن جماعات وأفراد وحسب، بل ودول، ومنها الحكومة العراقية بالتأكيد، ولذا فإن اللعب بات اليوم على المكشوف، فها هي إيران وأتباعها في العراق ولبنان يقفون مع نظام الأسد ضد شعبه في معادلة مفضوحة وهي شيعة ضد سنة، للأسف، فما الذي سيفعله العرب اليوم، وتحديدا المؤثرون، والمستهدفون بالطبع، من قبل هذا المثلث الطائفي المفضوح؟ ألا زلتم مترددين؟

[email protected]