خلافا للمألوف.. سعوديات متوحشات!

TT

رغم الفوضى والشغب ومخالفة النظام كانت هجمة البنات السعوديات على مقر جامعة أم القرى في مكة مشهدا فريدا، وجميلا أيضا. من كان يتخيل أن تبلغ الأمور، من أجل التعلم، حد الهجوم واستخدام القوة للدخول عنوة، وإثارة الفوضى؟! ثرن ضد إدارة الجامعة التي لم تكن تتوقع من الفتيات المغطيات من أعلى رؤوسهن إلى أخمص أقدامهن سوى أن يعدن أدراجهن إلى بيوتهن والجلوس أمام التلفزيون والاكتفاء بالتفرج على المسلسلات. لكن فجأة.. «الفتيات يردن دخول الجامعة» ولن يقبلن الأعذار.. نقص المقاعد، اكتظاظ الكليات، ضعف المعدل العلمي، المهم الدراسة والتعلم والتخرج والوظيفة.

أن يبثثن الرعب ويزرعن الفوضى أمر خارج التصور لإدارة الجامعة التي خصصت الشرطة الجامعية فقط لمرافق الطلاب الذكور. في كل المملكة الحاجة إلى الشرطة ضد النساء نادرة، لا توجد شرطيات سعوديات لأنه لا توجد نساء خارج القانون إلا نادرا، عمليا لا توجد نساء إلا للتبضع والدراسة والبيت، فالنساء هنا مسالمات، أقل تحديا للمجتمع في كل مناحيه.

الفتاة السعودية عرفت بأنها خجولة، تسير بمحاذاة الجدار، تتحاشى المشاكل، ضحية دائمة للتهميش والاستغلال والامتهان، أهلها يزوجونها رغما عنها، والحكومة إن رغبت في الوظيفة توظفها فقط في مهنة واحدة، التدريس، وتحرمها من ألف نوع من أنواع الوظائف بحجة أنها مخلوق ضعيف تأتيها العادة الشهرية ومصيرها الزواج والإنجاب. عليها دائما أن تنتظر حتى يأتيها الدور. تنتظر حتى يأتي السائق وينقلها من وإلى أي مكان.. المدرسة، المستشفى، السوق، أقاربها. عليها أن تنتظر عند التخرج في الجامعة حتى يجدوا لها مدرسة في مكان ما. مجتمع النساء المهني هو مجتمع الوظيفة الوحيدة المتاحة لها.

وهذه الجامعة لم تكلف نفسها عناء مخاطبة الطالبات المرفوضات من الالتحاق، بل أوصدت البوابة الخارجية بالقفل في وجوههن دون أن تعين مسؤولات يشرحن لماذا هن مرفوضات. ففي نظر المسؤولات: التعليم الجامعي للبنات ترف وليس ضرورة.

وعندما شاع خبر هجوم القوارير على الجامعة لم أصدقه، خاصة أن الرواية لا تنسجم مع صورة الفتاة السعودية «المحترمة».. تكسير الأبواب والدخول عنوة إلى الجامعة والهجوم على المسؤولات وضربهن. ظننتها من مداعبات الأولاد تلفحوا بعباءات أخواتهم، حتى شاهدت فيديو قمن بأنفسهن بتصويره وتوثيق «جريمتهن» وتوزيعه على الـ«يوتيوب»، معلنات أن الملك هو الذي قال إنه على الجامعات استيعاب المتقدمات للدراسة.

آخ!.. ماذا سيفعل هذا الجيل المتوحش من البنات بعد أربع سنوات عندما يحين موعد تخرجهن، ويجدن أيضا الأبواب موصدة في وجوههن حيث لا وظائف؟!

على المجتمع السعودي أن يتهيأ لجيل مختلف من البنات، أعلى صوتا وأطول يدا. فصورة «الفتاة المحترمة»، أو «مدام بوفاري»، قد تغيرت، صارت تريد حقوقها.. تريد التعليم والتوظيف، وبالتالي علينا أن نأخذهن بعد اليوم على محمل الجد.

[email protected]