حاكم العراق الإيراني

TT

في 3 يوليو (تموز) 2009، كتبت هنا بعنوان: «العراق.. معركة بايدن وسليماني»، معلقا على إرسال الرئيس الأميركي أوباما نائبه جو بايدن إلى بغداد من أجل إجراء المصالحة العراقية، تمهيدا لقرار الانسحاب الأميركي من العراق، وقلت إن أبرز العقبات التي ستواجه بايدن هي الجنرال الإيراني قاسم سليماني.

ومما جاء في المقال وقتها: «سألت مصدرا عراقيا مقربا من المالكي، ومطلعا على تفاصيل علاقة بغداد الرسمية مع إيران، عن معنى ذلك، فقال إن ذلك يعني (تشكيل تحالف ثلاثي مكون من حزب الدعوة، والتيار الصدري، والتيار الذي يقوده الحكيم)، مضيفا أن مهندس ذلك التحالف، أو كما قال بالحرف: (المايسترو بذلك التحالف، هو قاسم سليماني رئيس فيلق القدس، الذي يأتمر مباشرة من المرشد الأعلى بإيران). وكثير من المصادر الأميركية والعراقية تؤكد على أن لسليماني تأثيرا كبيرا بالعراق». وجاء في المقال أيضا «ومن هنا يبدو واضحا أن تكليف أوباما لنائبه جو بايدن للقيام بمهمة المصالحة السياسية في العراق سيعجل بمواجهة سياسية صعبة بين واشنطن وطهران في بغداد، قد يكون نجومها بايدن نائب الرئيس، وقاسم سليماني مفوض المرشد».. انتهى الاقتباس.

ويوم الجمعة الماضي، وتحديدا 29 يوليو 2011، نشرت صحيفة «الغارديان» تحقيقا مهما للغاية، نشرته صحيفتنا السبت الماضي بالاتفاق مع الصحيفة البريطانية، يقول إن قاسم سليماني هو الحاكم السري للعراق، وليس ذلك فحسب، بل إن سليماني هو من يدير السياسة الإيرانية في كل من لبنان، وغزة، وأفغانستان، ومؤخرا سوريا، حيث تساعد طهران في قمع الانتفاضة السورية الشعبية. واستهلت الصحيفة البريطانية التحقيق الصحافي بقصة مذهلة تقول إن «هناك قصة يحلو لمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) الجديد، ديفيد بترايوس سردها، تعود أحداثها للفترة التي كان فيها جنرالا في العراق يحمل على كتفيه أربع نجوم: في مطلع عام 2008، خلال سلسلة من المعارك بين الجيشين الأميركي والعراقي من ناحية، وميليشيات شيعية من ناحية أخرى، تم تسليم هاتف جوال لبترايوس يحمل رسالة نصية من جنرال إيراني تحول في ما بعد إلى لعنة تطارده. تلك الرسالة كانت من رئيس فيلق القدس النخبوي الإيراني، قاسم سليماني، ونقلها زعيم عراقي بارز. وجاء نصها كالتالي: (الجنرال بترايوس، عليك أن تعلم أنه أنا، قاسم سليماني، من يدير السياسة الإيرانية تجاه العراق ولبنان وغزة وأفغانستان. في الواقع، السفير في بغداد عضو في فيلق القدس، والشخص الذي سيحل محله من فيلق القدس أيضا)». وهنا ينتهي الاقتباس من «الغارديان».

وعليه، فإن المغزى هنا من استحضار مقال «العراق.. معركة بايدن وسليماني» في يوليو 2009، وتحقيق «الغارديان» المنشور في الشهر نفسه من هذا العام، أي بعد قرابة عامين، هو لتأكيد مشروعية تساؤلي حينها حول «من سينتصر في العراق: بايدن أم سليماني؟»، ليس بغرض التباهي، بل لقول أمرين: الأول أنه عند نشر مقالي قال لي مصدر أميركي حينها «أنت تبالغ»، بينما ها هي «الغارديان» تؤكد أن سليماني هو من انتصر في تلك المعركة. أما الأمر الثاني المراد قوله فهو للعرب، وكل العرب، بأنه حقا لا حياة لمن تنادي!

[email protected]