سوريا.. سقط النظام!

TT

يستقبل العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك هذا العام بنكهة الدم، كيف لا وبلد إسلامي عظيم كسوريا يبيد جيشُ نظامه شعبَه في مدينة تلو الأخرى في غرة هذا الشهر الفضيل؟! كانت أرتال الدبابات السورية تدك حمص وحماه ودير الزور وإدلب ومعرة النعمان والبوكمال ودرعا، وكانت حصيلة المقتولين فوق مائتي شخص.. مذابح وحشية، مصابون يمنعون من إدخالهم المستشفيات، ومبان تدك عن بكرة أبيها، مساجد تقصف بالصواريخ، مخازن المياه تهدم والكهرباء تقطع والطرقات تسد!

لم يعد الحديث مجديا أن يكون – بسخافة – عما إذا كان نظام بشار الأسد قد فقد شرعيته أم لا، ولكنه حتى اليوم فقد هذا النظام أخلاقه ودينه وإنسانيته. كذلك لم يعد من الممكن فهم صمت الدول والمنظمات العربية والإسلامية (وأولها تركيا) إزاء المذابح والمجازر التي ترتكب في حق السوريين (على الأقل مقارنة بالتنديد للحادث الإرهابي الذي حصل من مجرم النرويج أو المجاعة التي تحصل على أرض الصومال)، لم تعد مجدية قراءة المسألة من الجانب السياسي والأمني والحديث عن المبادرات والحوارات والقرارات الإصلاحية الكاذبة. فلقد أبان هذا النظام المجرم عن وجهه الحقيقي، وكشف عن توجهه المتواصل، فهو لم يتعلم ولم يحد عن خط أبيه الذي تسبب في إبادة أهل حماه وأسقط 45 ألف قتيل فيها، وكذلك فعل في تدمر وحلب وفظع في معتقلاته بعشرات الآلاف عبر السنين، وها هو بشار الأسد يسير على نفس الخط ويقوم بمجازر مذهلة ولا يرحم النسوة ولا الأطفال ولا الشيوخ بشكل تعجز الكلمات عن وصفه والتعبير عنه، ولكن اليوم يدخل في مواجهة مع عباد الله في شهره الفضيل، فهو تعدى النواميس واخترق الحرمات ولم يعد أمره قاصرا على إدانة أوباما ولا على احتجاج كلينتون عليه ولا على عقوبات الاتحاد الأوروبي بحقه ولا تخدير أردوغان له ولا شجب جامعة الدول العربية (الذي لن يحصل)، هناك دم استبيح في شهر عظيم، هناك جرائم تحدث في شهر فضيل، أمهات ثكلى تصيح وترفع أياديها إلى عنان السماء تدعو وتستغيث، أطفال يملأ صراخهم المدى من الخوف والذعر، رجال خالطت أدمعهم كلماتهم وهم يرون أشلاء أقربائهم وأهليهم وأحبتهم ممزقة على الطريق بعد أن قتلوا من قذف الصواريخ وسير الدبابات عليهم.

في ظل الصمت الدولي المتآمر والعربي والإسلامي المعيب الذي يوضح كله أن هناك «اتفاقا ما» ربما تم لصالح النظام السوري الذي «وافق» على الاعتراف بإسرائيل وحدود «جديدة» لها مقابل السماح له بتنظيم شؤونه الداخلية (وهو الأمر الذي فضحه ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف حينما قال إن أمن سوريا من أمن إسرائيل).

بشار الأسد الذي كان فرحا برفع أكبر علم في تاريخ سوريا تأييدا له وهو الذي لم يستطع نظامه ولا نظام أبيه لمدة أربعين سنة أن يرفع راية طولها نصف متر على الجولان، أو أن يسمح بأن يرمى حجر واحد باسم المقاومة من حدوده مع إسرائيل لاستعادة أرضه؛ لم يعد يقاتل ثوارا ولكن اليوم يعادي كل عباد الله السوريين في هذا الشهر الفضيل. وعليه لم تعد مسألة سقوط النظام من عدمه مسألة قابلة للبحث، لقد سقط النظام في الناموس الإلهي، وهذه العمليات الإجرامية التي قام بها البارحة هي تأكيد على أن النظام فقد صوابه تماما ولم يعد لديه القدرة على التصرف بالعقل ولا بالحكمة، وأن الخوف من شهر رمضان عمى بصر النظام وبصيرته.

أبشروا يا أحرار سوريا بالفرج والنصر المبين، أبشروا بالحرية والكرامة والخلاص العظيم.. النظام سقط ومات ولا رحمة عليه!

[email protected]