حب الطعام في شهر الصيام

TT

الإنسان حريص على ما منع. ينطبق ذلك خير انطباق على الولع بالأكل والأطعمة حالما يحل شهر رمضان. المفروض في الصيام أن يوفر الصائم على نفسه ويقتر في أكله، ويذوق طعم الجوع الذي يعيشه الملايين من فقراء المسلمين. ولكن هذا لا يحدث. الحقيقة أن الناس إنما يفكرون في الجوع والتخسيس وتخفيض وزنهم بعد أن ينتهي هذا الشهر الكريم، ويجدون أن وزنهم قد ارتفع بعدة كيلوغرامات خلال الثلاثين يوما. يحللون خلالها لأنفسهم ما حرموا أنفسهم منه قبلها كالسكريات التي أصبح اسمها مقترنا بشهر رمضان متذرعين بالقول: «المؤمن حلوي». وهذا ما قاله الشاعر:

ألذ شيء على الصيام

من الحلاوات في الطعام

قطائف نضدت فحكت

فرائد الدر في النظام

مقومات على جنوب

في الجام كالصبية النيام

ولربما نكتشف أن ما قاله الشعراء في حلويات وأطعمة رمضان يفوق كل ما قالوه غزلا في الحسان وتوسلا بالحكام. ولا شك أن القطائف التي يرجع تاريخها إلى عهد الدولة العباسية قد استأثرت بقلوب الشعراء والأدباء، حتى أن جلال الدين السيوطي جمع ما قيل فيها في كتابه «منهل اللطائف في الكنافة والقطائف». ومن ذلك ما قاله أبو القاسم عبد الرحمن بن هبة الله المصري:

وافى الصيام فوافتنا قطائفه

كما تسنمت الكثبان من كثب

جاء وصف القطائف في لسان العرب بأنها طعام يسوى من الدقيق المرق بالماء. شبها بخمل القطيفة التي تفترش.

من لطائف ما قيل عنها كان ما جرى بين أديبين من حوار:

دعاني صديق لأكل القطايف

فأمعنت فيها خير خائف

فقال وقد أوجعت بالأكل قلبه

رويدك مهلا فهي إحدى المتالف

فقلت له ما إن سمعنا بميت

ينادى عليه «يا قتيل القطائف!»

غير أن شاعرا آخر توله بالبقلاوة فقال فيها:

ومنها بقلاوة ازدهت حشواتها

بفستق ملبس وسكر بالتمام

وقد شارك الشعراء الشعبيون بهذا العشق الحلواني. كان منهم الشاعر العراقي حميد صادق فقال:

بالفطور السفرة للصايم جنان

بالشنينة وماي جلاب وطبخ بالزعفران

من بعدها للشكرجي نروح له

زلابية وزنود ستات الحنان

وياها بقلاوة زهرت حشواتها

بفستق وحلقوم نسهر للأذان