تفسير القرآن بالشعر

TT

السذاجة وليست القناعة هي كنز لا يفنى من الغباء المدقع، والذي دفعني إلى هذا القول غير المحترم هو إنسان جمعت سذاجات البشر كلها واستوطنت في شخصيته، فقد أتاني يوما على عجل، وأخذ يهزني ويصرخ في وجهي وكأنه قد جاء بما لم يجئ به (أرشميدس) عندما اكتشف قانون (الطفو)، وخرج يصرخ وهو عريان قائلا: وجدتها، وجدتها.

ذلك الإنسان الساذج بشرني بمعرفته برجل ولا كل الرجال، وفطحل ولا كل الفطاحل، وعرفت منه أنه أصبح يلازمه ليلا ونهارا، ويغديه ويعشيه ويصرف عليه، ويخاف عليه من الهواء والشمس، وعندما استعلمت منه عن ذلك الرجل العبقري الذي صمخ أذني بمديحه والإعجاب به؟! قال لي بالحرف الواحد: إنه (آية الله) في زمانه، وإنه درة مكنونة لا يعرفها إلا من وقف عليها. الواقع أنه رغم إدراكي سذاجة ذلك الإنسان، فإنني من كثرة ما (زن) في أذني، بدأ (الفار يلعب بعبي)، وبدأت أتأثر بالمثل القائل: (الزن على الآذان أقوى من السحر)، عندها فعلا بدأت أنساق لتصديق ذلك الإنسان، وطلبت منه جادا أن يجمعني بذلك الرجل العبقري الذي ملك عليه لب عقله.

وانطلق بي إلى بيت شعبي متهالك، وإذا بي وجها لوجه مع شيخ أفغاني عظيم اللحية، وبيديه سبحة مكونة من 99 خرزة، وما أن شاهدني حتى قال لي: يا سبحان الله، إن لديك قبسا من الإيمان، الواقع أنه ما أن قال لي ذلك حتى بدأت أشكك في نفسي، صحيح أن لدي ولله الحمد إيمانا، ولكن القبس الذي حدثني عنه لا أظن أنه كامن في شخصيتي بأي حال من الأحوال، فأنا أدرى الناس بنفسي المجبولة على المتع الدنيوية، ومع ذلك بلعت إشادته وكلامه ذاك، وقلت له متصنعا طلب المعرفة: زدني أيها الشيخ مما أعطاك الله.

قال بلغة عربية مكسرة: إن الله يضع سره في أضعف خلقه، قلت له: ونعم بالله، ثم أردفت منافقا: ولكنك والحمد لله لست من أضعف خلق الله، فتهللت أساريره وقال: صدقت، صدقت، ولكن أكثر الناس لا يعلمون، وبدأ معي بحوار طويل عريض لا أريد أن أشغلكم به، لأنه تحول في النهاية إلى أبيات شعر ركيكة ساذجة ومضحكة.

الخلاصة: إن ذلك العامل الأفغاني البسيط الجاهل (العبقري) الذي لا يتقن العربية، ولا يعرف المفعول من الفاعل، ولا المذكر من المؤنث، ولا كان من أخواتها، قد نظم إلى الآن (6600) بيت من الشعر في تفسير القرآن الكريم ـ تخيلوا لقد فسر القرآن بكل بساطة بلغة فصحى (همايونية) هو لا يتقنها أصلا ولا يعرف مدلولاتها ـ ومع ذلك هناك من يطبلون له ويتبعونه، وانتهى حواري معه إلى قوله: إنني إلى الآن نظمت (6600) بيت من الشعر ولم أقطع من المشوار إلا ربعه، وإنني أتطلع إلى إنهاء تفسيره بعد أن أنتهي إلى (25000) بيت من الشعر على الأقل ـ خصوصا أن سورة البقرة تحتاج وحدها إلى ألف بيت من الشعر.

نسيت أن أقول لكم: إن ذلك الأفغاني العبقري اسمه (حزب الله محمد أمين).

على أي حال وبعيدا عن أي إشكالات، وبعيدا عن (حزب الله محمد أمين)، أو (حزب الله) التابع للتلميذ النجيب للولي الفقيه (حسن نصر الله)، أقول: يا أيها الإسلام، كم من أتباعك يهرفون بما لا يعرفون، وأنا من أولهم، ولن أكون من آخرهم.

إنني في النهاية أستسمحكم عذرا، لأنني لا أدري هل أنا بطرقي لمثل هذه المواضيع بين الحين والآخر أدافع عن الإسلام حقا، أم أنني (ضارب الجادة الغلط)؟! فلو أنها كانت الأولى فشكرا، أما إذا كانت الثانية فيا كسوفي ويا ويلي ويا سواد ليلي.

[email protected]