الذي يحب كالذي يكره!

TT

سؤال: هل تعرف فلانا؟ جواب: نعم أعرفه! سؤال: هل سافرت معه؟ لا. إذن لا تعرفه!

وقال أوسكار وايلد الأديب الساخر: أنت لا تعرف امرأة قبل أن تعرف جسدها!

سؤال: هل تعرف فلانا؟ جواب: لم أعرفه.. لأنني قريب جدا منه!

سؤال: هل تعرف فلانا؟ جواب: لا أعرفه.. فأين أنا وأين هو؟.. إنه بعيد جدا حتى لا أكاد أراه!

ومن الصعب أن تعرف إنسانا جيدا إذا كنت تحبه.. فأنت تراه ولا تراه.. وإذا كنت تكرهه أيضا.. فأنت لا تحب أن تراه.. فكيف تعرفه وأنت لا تراه.. وأنت قد أسقطته من عينيك.. أو أغمدت في قلبه رموشك..

فالذي يحب كالذي يكره: لا يرى بوضوح!

ولكن لا بد أن تحب ولا بد أن تكره.. ولذلك فأنت لا تعرف الناس جيدا.. وإنما تعرفهم بالتقريب.. أو تعرفهم بعض الوقت.. وتحبهم بعض الحب وبعض الكره.. فأنت تعرفهم إلا قليلا!

والقرد في عين أمه غزال.. إذا أحبته! وفي عينيها قرد.. إذا كرهته!

ولكل إنسان عدة صور صورتك كما ترى نفسك.. وصورتك كما تحب أن ترى نفسك.. وصورتك كما يراها الناس..

فإن كنت أديبا أو فنانا فأنت تساوي ما تقدمه للناس.. فأنت تساوي كتبك أو لوحاتك أو موسيقاك..

ولا توجد وسيلة أخرى لكي يعرفك الناس غير هذا الذي أبدعته أو عجزت عن إبداعه!

ولكنك لست في كل الأحوال قادرا على الإبداع.. فأنت تتعب وأنت تضيق.. وأنت تحب وأنت تمل.. وأنت على أعصابك كاتبا وقارئا.. ولذلك فليست لك صورة واضحة لا عن نفسك ولا عن الناس..

وإذا أنت نظرت في المرايا.. فهناك مرآة تجعلك صغيرا وأخرى تجعلك كبيرا.. وثالثة تجعلك مقعرا.. ورابعة تجعلك محدبا.. وخامسة تجعلك أصفر اللون.. أبيض.. أحمر!

وآراء الناس مثل هذه المرايا.. فأنت متعدد الألوان والأحجام والأوزان والأهمية والقيمة والأثر عند الناس!

وإذا سألت الناس فأنت مثل الذي يسأل جميع المرايا! فماذا لو نطقت جميع المرايا معا؟!

سوف تسمع ضجيجا من النظريات.. وضوضاء من العواطف.. وترى تلوثا من الأمزجة.. وكلها هي أنت في عيون وآذان وأنوف وعقول وقلوب الآخرين!

وأنت لك وجهة وأنا أيضا.. وأنت على حق.. وأنا أيضا.. والذي يعجبني فيك هو الذي أحبه لنفسي.. والذي لا يعجبني فيك هو الذي لا أحبه لنفسي.. والذي أقبله بالعقل أرفضه بالقلب.. والذي أستريح إليه وجدانيا أنفر منه عقليا!