اطردوا الدبلوماسي السوري!

TT

بينما يراقب العالم بشفقة وغضب المجازر التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه، تزداد أسباب قناعة العالم الحر بأن أيام النظام السوري قد انقضت، وأن العالم يتعامل الآن فعليا مع مرحلة ما بعد بشار الأسد، يخرج عنها سوريا حرة وقيادة مسؤولة. أسباب سقوط النظام السوري كثيرة جدا ولا يغفل عنها أي مراقب موضوعي ومتابع دقيق للشأن السوري، ولعل أهمها هو استمرار النظام السوري في النهج الاستبدادي للتعامل مع أي معضلة سياسية في البلاد، تماما كما كان يحدث في عهد الرئيس السابق، حافظ الأسد، واعتقد النظام أنه ببساطة يستطيع مواصلة نفس المذابح كعلاج، ولكن الزمن تغير والوسائل تبدلت.

سوريا كلها الآن تخرج في كافة المناطق والمدن السورية بلا استثناء، وطلبها واضح وصريح «إسقاط النظام»، ولا عودة عن هذا المطلب في ظل تواصل الإبادة المتوحشة، وآخرها الإبادة التي تمت في مدينة حماه، وكانت الجثث بالعشرات ترمى في نهر العاصي وفي الشوارع وتم نسف المستشفيات والمساجد بشكل همجي ووحشي، والأعداد المتظاهرة في ازدياد كبير وبلا خوف، حتى في حلب ودمشق بدأت المظاهرات تخرج.

الكارثة الإنسانية المهولة في سوريا أجبرت على أن تصرح الخارجية الأميركية بأن النظام السوري فقد كل شرعيته، وأنه يتحمل مسؤولية قتل أكثر من ألفي شخص، وكذلك بدأت روسيا في أخذ موقف واضح من مرحلة ما بعد الأسد، وتحذيره بأنه ينتظره مستقبل بائس وحزين، والاتحاد الأوروبي يواصل عقوباته على النظام السوري.

يستغرب الناس سر الصمت العربي العجيب، ويحاولون تفسيره بشتى الوسائل، ولعل أهم ما يتم ترديده هو أن السوريين يتوعدون دول الخليج بإطلاق «خلايا نائمة» في بلادهم لنشر الذعر والرعب، فالبحرين والكويت تم اكتشاف خلايا تجسس برعاية سوريا فيهما، وكذلك كانت شواهد أخرى معروفة لاستخبارات بعض الدول العربية عن خلايا تجهز لإطلاقها بأعمال تخريبية إذا قررت الدول العربية التنديد أو شجب ما يحدث بسوريا. إنه أسلوب العصابات السياسي بامتياز، وهو تماما ما كان يقوم به صدام حسين والقذافي بأشكال مختلفة ولكن مرة أخرى الزمن تأخر، الموتى في سوريا يزداد عددهم، والبطش والقمع لا حدود له، والاقتصاد السوري ينهار، وهي المسألة التي ستعجل بالقضاء على هذا النظام الطاغي، ولكن هناك مطلب أخلاقي مطلوب من الدول العربية، وهو أن تطرد الدبلوماسيين السوريين من أراضيها، الذي يحدث بحق شعب سوريا من نظامه هو أهم وأخطر من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، التي قطع العرب علاقتهم الدبلوماسية فورا مع النظام المصري بسببها.

النظام السوري سقط سياسيا، والعد التنازلي لدفنه للأبد قد بدأ، ولكن الصمت على المجازر والمهازل التي تتم هو خطأ كبير بكل المقاييس، لا يرضى عنه الشرع ولا الضمير، خطوة أولى مطلوبة وفورا، تطهير الأراضي العربية من الدبلوماسية السورية هذا أحد، وأقل، ما يقدم، وهذا هو أضعف الإيمان.

[email protected]