الباطل يأتيني أينما توجهت!

TT

يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا

كعاشق خط سطرا في الهوى ومحا

وهذا هو ما ينطبق عليّ في حياتي المسرعة واللاهثة و(المتزلزلة) جدا، ومن أجل ذلك قررت أن (أبخع) عين الحياة بإصبعي الصغير والكبير معا، ولن يستغرب بعد اليوم كل من يعرفني إذا وجدوني يوما وأنا (أتلطش وأتسكع) في جهات الكرة الأرضية الأربع، باحثا لا عن بنت الحلال ولا بنت الحرام، ولكنني باحث بالدرجة الأولى عن نفسي التي أضعتها دون أن أدري، وحتى دون أن تدري هي، وهذا هو (المضحك المبكي).

وهناك احتمال مؤكد أن أشد الرحال إلى الصين ثم أتبعها بألمانيا لسبب جوهري ومقنع.. فقد وصلت إليّ الأخبار أن هناك مقهى افتتح مؤخرا في شرق الصين يتيح لرواده التعبير عن حزنهم بالبكاء، ودخوله لا يكلف أكثر من ستة دولارات في الساعة مع تقديم أفضل المشروبات للزبائن، كما أن المقهى يقدم لزبائنه المناديل وزيت النعناع لتخفيف آلامهم، كما يقدم البصل والفلفل الأحمر لمساعدة الذين يرغبون في ذرف الدموع، كما ذكرت صحيفة (تشاينا ديلي) في (هونغ كونغ)، وزيادة في الحفاوة بالزبائن تعزف الموسيقى الحزينة داخل المقهى الذي يوفر الجو الحميم لأصحاب العلاقات العاطفية المنتهية، ويذكر أن المقهى حقق نجاحا كبيرا ويجتذب أعدادا كبيرة من الرواد المكتئبين يوميا.

وهذا بالنسبة إليّ أمر جيد، لأنني حقا في حاجة قصوى إلى سكب الدموع العصية أحيانا، ولا تغركم (هنجماتي) وتفاؤلاتي وغرامياتي، فحياتي كلها إنما هي في الواقع أوهام من خيط العنكبوت، غير أنني بعد أن أنتهي من فاصل البكاء في الصين، لا بد وأن أعدل كفة الميزان بما يبهج، لهذا سوف أذهب على بساط من الريح إلى ألمانيا، وذلك لأنني سمعت أن هناك مدرسة افتتحت في برلين لتعلم الناس فن الضحك، وهي مدرسة ستسعى لتخفيف حدة الجدية والصرامة لدى المواطنين وإكسابهم روح الدعابة وخفة الظل. وقالت معلمة الضحك الشابة (سوزان ماير) إن من يلتحقون بالمدرسة ينخرطون في دورات دراسية تتضمن حصصا عملية تهدف إلى تعليمهم جميع أنماط وأشكال الضحكات، وخلال تلك الدورات يتم تشجيع الدارسين على ممارسة الضحك الجماعي والفردي مع القيام بالحركات الجسدية التي تتناسب مع كل ضحكة. وأضافت (ماير) قائلة: هدفنا الأساسي هو أن نساعد الناس على ممارسة الضحك بشكل مقنع وصادق، وأهم شيء هو الضحكة المقنعة التي تكون نابعة من القلب، خاصة هنا في ألمانيا التي أوشك شعبها على نسيان الضحك.

وعندما أعود بمشيئة الله بعد ارتياد ذلك المقهى البكائي في الصين، وبعد أن أحصل على (كورس) مكثف في تلك المدرسة الضاحكة في ألمانيا، سوف أروي لكم انطباعاتي ومدى التأثير الذي حصل في شخصيتي (المركبة)، التي يأتيها الباطل أينما توجهت - والحمد لله.

المهم أنني لا أدري هل (سوزان ماير) تلك (سنيورينا) تسر الناظرين، أم أنها (سنيورا) أكل الدهر عليها وشرب!

[email protected]