أصدقاء وحلفاء

TT

لو جمع الرئيس بشار الأسد المواقف التي نصحته بالإسراع في الإصلاح والتسرع في تحقيقه، لتبين له أنها جاءت كلها من حلفاء وأصدقاء وحرصاء على سوريا بكل صدق. وأكثر من يعرف حقيقة وأصالة بعض هذه المواقف هو الرئيس نفسه. وهو يعرف أن الملك عبد الله بن عبد العزيز كان أول من سعى في ذلك، وإن كان بيانه العلني صدر فقط يوم الاثنين، عندما بدا للعالم أن الصمت عما يسيل من دماء في سوريا أصبح تهمة.

لكن الذي حاوله الملك عبد الله، سواء شخصيا، أو بالأحرى خصوصا شخصيا، وسواء من خلال نجله عبد العزيز، من أجل إبقاء المسألة «عائلية»، أو من خلال القنوات الرسمية الأخرى، لن يعرف أحد منا مداه، كما يعرفه الرئيس السوري. ولا يعرف أحد بماذا قوبل سعي الملك، بقدر ما يعرف الرئيس السوري.

ولا أعرف بماذا تفكر دمشق في سلسلة الحلفاء الذين خسرتهم في الأشهر الستة، وماذا كسبت في المقابل؟.. من نيكولا ساركوزي، الذي قلب سياسة فرنسا القائمة حيالها منذ زمن، إلى بريطانيا التي بعثت توني بلير يعلن علاقة خاصة بعد عقود النفور، إلى قطر التي كاد أميرها يقيم في دمشق بدل الدوحة، إلى الكويت التي دفقت الاستثمارات وأحاطت الأسد بأهمية خاصة خلال القمة، ثم إلى تركيا التي أقامت مع سوريا علاقات مميزة حقا وليست من نوع التميز القائم مع لبنان، والذي يتغير بتغير نوعية الأكثرية البرلمانية. وأخيرا إلى مصر «الجديدة»، وإلى أمين عام الجامعة الجديد، الذي قام بأول زيارة له إلى سوريا ليعلن الدعم للأسد.

تحركت السعودية مؤخرا لأنها فقدت كل أمل في نجاح المساعي الصامتة. وهي لا تنظر إلى وضع الأمة من نافذة دمشق وحدها، فعندها رئيس تونسي طلب حمايتها وبلده لم يستقر بعد، وعندها الرئيس اليمني وبلده يغلي بالحشود كما في الأفلام التاريخية التي تحشد لها الجموع، وعندها مصر وما تعنيه لها وللعرب، وعندها ليبيا، وعندها البحرين، وعندها طبعا لبنان، حيث منع سعد الحريري من العودة إلى بيته، بعد إبعاده عن السراي.

وبدل أن تنطلق في بيروت حملة شتم للسعودية ولعباءة السعوديات وللشيكات التي يوزعها الأمير تركي بن عبد العزيز، يحسن بسوريا أن تدرك أن المسألة أكبر بكثير من أن تبرر، كما قال الملك عبد الله. وقد يكون من مصلحة الجميع، خصوصا النظام والشعب السوري، أن يترك للحلفاء والأصدقاء وأصحاب النوايا المشهودة، خصوصا السعودية وتركيا، المساعدة على إقامة مصالحة كبرى تمهيدا لإصلاح يصدقه الجميع.