سوريا.. وماذا الآن؟

TT

غادر وزير الخارجية التركي دمشق من دون الإعلان عن نتائج ملموسة لتلك الزيارة، بل إن النظام السوري لا يزال يواصل القتل بحق الأبرياء هناك. فماذا الآن؟ خصوصا أن موقف النظام تجاه الزيارة التركية لا يحتاج إلى توضيح، فبينما كان أوغلو يجتمع بالأسد قتلت قوات النظام 30 مدنيا سوريا على الأقل، ودخلت بلدة قرب الحدود التركية!

وعليه، فللإجابة على ماذا الآن؟ لا بد أن نعي أن هناك خيارات عدة اليوم للتعامل مع الأوضاع في سوريا، حيث لا بد أن يتحمل النظام البعثي نتيجة جرائمه بحق السوريين. وقد يقول قائل: كيف؟ في البداية، لا بد من تشكيل لجنة، أو مجموعة، دولية لإدارة الأزمة السورية، مكونة من دول عربية، وتركيا، وأوروبا، إضافة إلى أميركا. وذلك للشروع في التعامل مع الأزمة السورية دوليا، ومن أجل ضمان صدور قرارات أممية فاعلة، عبر مجلس الأمن الدولي، لضمان عدم إفلات النظام السوري من المسؤولية، وعلى غرار ما تم بحق نظام صدام حسين بعد احتلال الكويت، ومن جملة القرارات الأممية التي من المفترض التعجيل بإصدارها ضد نظام الأسد الآن هو فرض حظر على القطاع النفطي الذي يمول العمليات القمعية بحق الشعب السوري، وكذلك ضمان صدور قرارات أممية ضد رموز النظام، من خلال محكمة العدل الدولية.

مجرد الشروع في اتخاذ تلك القرارات من شأنه إرسال رسالة واضحة وصريحة لا لبس فيها للنظام السوري مفادها أنه لن يفلت مما يفعله اليوم بحق السوريين. فمجرد شعور نظام الأسد بالأمان الآن، وعدم اتخاذ خطوات فعلية تجاهه، وتجاه رموزه، سيفهم منه النظام أنه في حال استطاع إخماد الانتفاضة الشعبية السورية بقوة السلاح والقمع الوحشي فإن أمر إعادة المياه إلى مجاريها دوليا سيكون هينا، ولو بالابتزاز، الذي يعد إحدى أهم أدوات السياسة الخارجية لنظام الأسد.

تشكيل لجنة، أو مجموعة، دولية للتعامل مع الأزمة الدولية بات أمرا ملحا اليوم، ولعدة أسباب، لا سيما بعد تشكل موقف عربي، ودولي، قوي، خصوصا بعد خطاب الملك عبد الله بن عبد العزيز لسوريا، والشروع في استدعاء السفراء، وكذلك الموقف الروسي المتحول، وهو من الأهمية بمكان. وعلينا أن نلحظ هنا أمرا مهما جدا حيث إنه لا تحرك روسيا أو صينيا الآن تجاه النظام البعثي في دمشق، بينما نلحظ تحركا، شبه أخير، تقوم به كل من الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، إذ إننا بتنا أمام لحظة مفصلية يكتشف فيها الجميع أن نظام الأسد ليس مثل القذافي وحسب، بل هو أقرب إلى نظام ميلوسوفيتش، مما يجعل الحديث عن مهلة تركية للنظام لمدة أسبوعين أشبه بالعبث، إذ يجب أن لا يستبعد الآن حتى استخدام القوة الدولية ضد نظام لم يستخدم إلا لغة القتل بحق شعبه.

لذا، فملخص القول أنه لا بد من وجود تنسيق عربي تركي أوروبي أميركي مشترك الآن للتعامل مع المرحلة القادمة في سوريا، إذ بات من الواضح أن نظام الأسد يسير في طريق مسدود، ولا بد من تدارك الأمور، والنظر في تفاصيل مرحلة ما بعد الأسد.

[email protected]