نظام الأسد باطل زهوق

TT

بعد زيارة ملتهبة قام بها وزير الخارجية التركي لدمشق ليوجه الرسالة الأخيرة لبشار الأسد ونظامه المتهاوي في سوريا، استمر النظام السوري في نفس أسلوبه الدموي في قمع المتظاهرين في كل المدن الثائرة عليه، واستمر عدد القتلى في ازدياد، بل إن أحد الذين قتلهم النظام بشكل دموي البارحة كان شقيق المعارض السوري البارز هيثم مناع، وذلك فيما يبدو أنه رسالة للمعارضة.

النظام السوري مستمر في نفس النهج الهمجي، ويعتمد في علاج الثورة الهائلة المنتفضة - التي تشهد تدريجيا مناصرة العالم لها – على نفس الكتاب القديم الذي كان يستخدمه الرئيس السابق حافظ الأسد، حينما واجه الانتفاضة الكبرى على حكمه في الثمانينات من القرن الميلادي الماضي.

النظام يشهد الآن تطورات خطيرة جدا، فإقالة وزير الدفاع، علي حبيب، المفاجئة تأتي على خلفية إخفاق الجيش التام في التعامل مع الثورة وتحميله هو مسؤولية ذلك (وهو استمرار في تقديم قرابين مقابل الإخفاقات لينضم علي حبيب لقائمة المحافظين الذين تم استبدالهم)، ولكن حبيب تم تغييره لأسباب أخرى في غاية الأهمية، وهي اعتراضه على الدخول عسكريا إلى حماه، وكذلك اعتقاد النظام أنه هو سيكون رأس الانقلاب العسكري المنتظر، لأنه يأتي من أسرة مهمة في الطائفة العلوية وتحظى باحترام أهم بكثير من أسرة الأسد المغمورة. فالطائفة العلوية ليست كلها مجمعة على الأسد، فهناك جناح مهم داخل الطائفة كان محسوبا على صلاح جديد، وهو الزعيم الذي انقلب عليه حافظ الأسد وزج به في السجن حتى وفاته، ولم يغفر له ولا لأبنائه هذا الحدث لليوم، ولذلك تم الخلاص من علي حبيب، وهناك إشاعات كثيرة عن قتله أو سجنه.

سوريا اعتمدت في قمعها الحالي في حماه ودير الزور وإدلب على غطاء روسي لها في مجلس الأمن، بحيث إنها لن تنال أي قرار أممي ضدها (تماما مثلما اتفق حافظ الأسد مع إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، رونالد ريغان، بأن يقوم بتصفية حماه ومعارضيه، مقابل الاجتياح الإسرائيلي للبنان وطرد المقاومة الفلسطينية منها)، ولكن روسيا أدارت ظهرها للأسد.

الدائرة المسيطرة على صناعة القرار هي دائرة أهل الثقة، وهي دائرة ذات لهب لا يخرج منها أحد، وذلك حتى لا يظهروا بمظهر الضعيف أبدا، ولا يمكن دخول الغريب عليها الآن ليعرف كيف يفكرون وماذا يقررون. ولذلك فالنظام السوري يرتمي في أحضان إيران كملجأ وحيد باق له، وهو خيار انتحاري ولا شك، لأن إيران لم ينظر إليها على أنها حليف طبيعي في الشارع السوري، فقط هي مدد طائفي بحت.

في منتصف الشهر الماضي وفي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل شوهدت أضواء عالية براقة متقطعة في سماء دمشق تأتي من جهة مطارها الدولي، ليعرف بعد ذلك أن المطار عطل لثلاث ساعات، وتم إخلاء برج المراقبة وتسليمه لفرقة خاصة، هبطت فيه طائرات إيرانية محملة بالمال والسلاح ولم يتم استخدام المطار العسكري لأنه قد يكون مراقبا.

تركيا تصطف مع الشعب السوري ومعها العالم العربي والعالم الحر، وإيران وحدها وحفنة من العراقيين واللبنانيين (مثل ميشال عون الذي قال إن سوريا بخير وإن ما ترونه على الشاشات هو زيف) يقفون مع النظام، هذا هو الموقف الآن على الأرض ناس تجنح مع الحق والثورة وناس تختار نصرة الدم والرصاص والقتل. إنه صراع بين الحق والباطل.. والباطل كان ولا يزال وسيظل زهوقا.

[email protected]