فرعون سوريا!

TT

بجوار منزلي في جدة مسجد يؤم فيه إمام ذو صوت عذب، وبينما كنت أَهمُّ بالنزول من سيارتي لدخول المنزل كان الإمام يتلو آيات من سورة القصص أثناء صلاة التراويح، ومنها: «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ».

وأول ما تبادر إلى ذهني هو ما يفعله بشار الأسد بسوريا، حيث يقتل البشر، وينكل بهم، وتهدم دور العبادة، وأبسط مثال صورة مئذنة مسجد عثمان بن عفان وهي تقصف أمام العالم دون مراعاة لحرمة المساجد، أو الشهر الفضيل، حيث إننا أمام نظام يريد حكم شعبه ولو بالنار والحديد.

نعم إن الأسد هو فرعون سوريا، وهو من أشد المفسدين في الأرض، حيث لم يفسد على السوريين حياتهم وحسب، بل وأفسد على المنطقة أمنها، واستقرارها، منذ عقود، وبشعارات زائفة لم تنطلِ إلا على المفسدين من أمثاله. ولذا فإن السؤال اليوم للجميع، وخصوصا من يناصرون النظام، في لبنان وإيران: أهذا هو النظام الذي تتحالفون معه؟! أهذا هو حليفكم أيها المتشدقون بالإسلام، والكرامة، والممانعة؟!

ولنسمي الأشياء بأسمائها، فإن السؤال هو لعقلاء الشيعة في منطقتنا: أهذا هو حليفكم، والمحسوب عليكم في منطقتنا؟! فمتى يخرج من الشيعة مثل من خرج من السنة وأنكر على «القاعدة» إرهابها، وأنكر على بعض المحسوبين على الدين من رجال السنة وتصدى لهم طوال العشر سنوات الماضية؟! فإذا كان موظفو النظام يكذبون على الناس بدافع الولاء الأعمى، والتبعية الطائفية المقيتة، مثل مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة الذي يقول إن بشار الأسد أكثر الحريصين على أبناء الشعب السوري، فما عذركم أنتم؟! ولماذا يطول صمتكم؟!

أنكر السنة على «القاعدة» إرهابها، وعلى بعض الأنظمة العربية قمعها، كما أنكروا على معظم الأنظمة العربية ترددها في الإصلاح، مثلما أنكر السنة أيضا على حماس جنوحها عن خط المصلحة الفلسطينية، وانشقاقها وتشرذمها، وأنكر السنة على نظام صدام حسين قمعه، والأمثلة كثيرة، حيث بات السنة بحرا من جزر ومد في كل نازلة، وكل ما يشغل الأمة، فأين أنتم يا عقلاء الشيعة من خبث النظام الإيراني، في كل مكان، سواء في إيران أو المنطقة؟! وأين أنتم من الفرقة التي يبثها حزب الله في لبنان؟! وأين أنتم من فساد وإفساد نظام بشار الأسد في سوريا؟! أين أنتم من قول المحسوبين عليه بأنه سيدعم الشيعة ضد الأنظمة الخليجية، في السعودية، والبحرين، والكويت؟! فأي إهانة بعد هذه، وأي تخوين؟!

ليس الحديث هنا حديث طائفية، لكنه لغة واقع الحال للأسف، فحين ارتكب ميلوسوفيتش جرائمه في قلب أوروبا، هبّ الغرب، ومنه أوروبا بالطبع، لإنهاء قمعه، وإنقاذ المسلمين، واليوم تتوسل هيلاري كلينتون إلى العالم، والبعض بمنطقتنا للأسف، من أجل أن يقفوا موقفا حازما ضد الأسد، بينما بيننا من هم صامتون، ومن هم مبررون، والأسوأ من كل ذلك من هم متلحفون بعباءة الطائفية دون أن يقولوا كلمة حق في كل مصائب المنطقة، وآخرها، وأسوؤها، فرعون سوريا بشار الأسد!

[email protected]