إلا عندما يدور الكلام مع نفسي!

TT

بدأ الكلام يدور بيني وبين نفسي أو بيني وبين العقد الكثيرة.. التي هي نفسي.. إلا أنني عندما أتكلم مع نفسي فإنني أكون أقل أدبا.. يعني أرفع الكلفة جدا بيني وبين نفسي..

فقلت: قل لي بقى يا حضرة.. ما هو تفسيرك لرجل كبير زي حضرتك ومعه لعبة صغيرة.. عروسة.. حصان.. شخشيخة.. وفي جيوبه: حمص ولب.. ما تفسيرك يا حضرة الأستاذ؟!

ورددت على نفسي: ما هو قصدك؟ قلت: طبعا أنت عارف قصدي.. عاوز تفسير لهذه الحادثة الطريفة المضحكة.. وكان ردي: تسميها مضحكة..

قلت: آسف أنا قصدي أنها.. تسيل الدموع.. دموع الضحك.. دموع الأسف.. إنها دموع تسيل لمجرد ذكر هذه الحادثة.. حادثة واحد في يده شخشيخة.. واحد كبير في السن..

وكان ردي: اسمع.. هناك نظرية في علم النفس تقول: إن الانفعالات الشديدة تجعل الإنسان يتحول إلى طفل صغير.. فالرجل عندما يخاف فإنه يصرخ كالطفل.. ويهرب كالأطفال.. والرجل عندما يفرح يتحول إلى طفل.. يبكي من شدة الفرح ويرقص كأنه طفل.. وهذا الذي حدث أخيرا وأنت تسميه يبعث على الضحك هو نوع من الرجوع إلى الطفولة.. فالحب الشديد.. والكراهية الشديدة.. كل ما هو شديد.. كل ما هو عنيف يضربنا كالكرة.. فنرتمي في أحضان شبكة المرمى.. شبكة الطفولة.. تعيدنا إلى «اللغة» إلى صدر الأم.. إلى الطفولة.. فالرجل عندما يحب في سن كبيرة.. فهو مسكين يا سيدي.. إنه يصبح طفلا.. كل شيء في الدنيا حوله يصبح صغيرا.. الناس يصبح عددهم قليلا جدا لا يزيدون عن أمه ومرضعته.. والبيت يصبح غرفة واحدة وقلمه إن كان كاتبا يصبح بزازة لا تفارق فمه.. بزازة لا تكتب.. بزازة لا تنطق.. لا تقول شيئا.. لأنه هو لا يقول شيئا!

قلت: إلى هذه الدرجة؟! هل من الممكن أن تؤدي أشياء صغيرة تافهة إلى هذه الانفعالات الكبيرة كتحويل رجل إلى طفل.. وتحويل غني إلى شحاذ.. وتحويل جبل إلى صحراء مليئة بالرمال وتحويل قلم مليء بالحبر والديناميت إلى بزازة أو زجاجة شفافة كل ما فيها سائل له لون واحد؟!