الأسد أخطر من إسرائيل!

TT

من الأشياء التي سجلها التاريخ للجيش السوري أن أحد عناصره، حسني الزعيم، كان صاحب أول انقلاب عسكري في منطقة الشرق الأوسط، وذلك في عام 1949، وفتح بابا شيطانيا في المنطقة عموما وسوريا تحديدا لتفرز لنا وجوها مستبدة حاقدة فاسدة لا تعرف إلا لغة القهر والاستبداد والظلم حتى تملكها جنون العظمة والغطرسة المهولة؛ مثل عبد الناصر، وصدام حسين، وعبد الكريم قاسم، والقذافي، وعلي عبد الله صالح، والنميري، وطبعا حافظ الأسد، وتفنن كل واحد منهم في أساليب تعذيب وإهانة شعبه، ولكن يبقى نظام الأسد هو المثال الأكثر وحشية ودموية وهمجية، خصوصا في استخدام جيشه لتحقيق هدفه.

الجيش السوري تحول في عهدي حافظ الأسد وابنه بشار إلى أداة قمعية بامتياز لتحقيق أهداف «نوعية» لصالح النظام، فدخل في حروب ضد الأردن والعراق ولبنان لأسباب مختلفة، وإن كانت كلها غير سوية وغير منطقية. وها هو الآن نفس النظام المستبد يطلق قواته بدباباته ومدرعاته برا وصواريخه وطياراته الطوافة جوا وسفنه وفرقاطاته بحرا يدك مدنه بلا رحمة ولا هوادة، ويحصد العشرات من القتلى في مشهد لا يمكن إلا ربطه بالموقف «المريب» من حافظ الأسد وابنه تجاه الجولان والمقاومة المزعومة التي تبناها النظام، سياسيا فقط، وليس عمليا، لأن الجولان تحولت فعليا إلى أكثر المناطق أمانا بالنسبة لإسرائيل، لأنه خلال فترة طويلة جدا تزيد على ثلاثة عقود لم يحصل فيها أي شكل من أشكال المقاومة باسم الجيش السوري، الذي تصرف عليه أرتال من الأموال والعتاد، وتعداده البشري المهول موجه كله بشعارات تحرير الجولان ومواجهة إسرائيل، إلا أن كل ذلك تحول إلى وهم وسراب، ولم تكن هناك معركة حقيقية لنظام الأسد إلا مع شعبه فقط.

واليوم بعد أن أقنع بشار الأسد الحكومة التركية بإمهاله فترة أسبوعين حتى «يقضي» على الثورة، وطبعا الأيام تمضي مسرعة، ومعدلات جنون القمع الأمني من قبل النظام بحق الشعب ومع تلك المظاهرات الشعبية المعارضة لم تتوقف في كل المدن وبأعداد متزايدة لتفند أكاذيب الإعلام السوري بأن الأمور مستتبة، والانشقاقات داخل الجيش في ازدياد، والمواجهات بين الأفراد المنشقين عن الجيش تتزايد ضد رجال الأمن المحسوبين على دائرة الرئيس وطائفته مباشرة. النظام اليوم يواجه نهايته، والتدخل العسكري قادم لإيقاف جرائم النظام السوري بحق شعبه لا محالة، الرئيس الأميركي وكذلك رئيس الوزراء التركي سيعلنان، كل على حدة، في الأيام القليلة المقبلة، ضرورة تنحي بشار الأسد ونهاية شرعيته، وستوجه تركيا بمهام «محددة» داخل سوريا لوقف هجوم جيش النظام ضد المدن، وذلك بعد صدور قرار الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيه يوم الخميس على الأرجح، وستلحقه مجموعة قرارات اقتصادية مهمة تخص قطاع النفط والمصارف لخنق تمويل النظام «المنتهي».

إيران حاولت أن تهدد تركيا بأنها ستطلق الأكراد عليها، ولكنها أدركت أن نظام الأسد منته، وكذلك أدرك العراق وحزب الله أنهما يدعمان مركبا ملأته الثقوب وغمرته المياه وفي طريقه للغرق وإلى قاع المحيط وبسرعة مهولة. تزداد قناعة المجتمع الدولي بأهمية رحيل نظام الأسد المجرم، ويتفاعل الناس بأشكال مختلفة مع جرائم الأسد بحق شعبه، فمن المظاهرات التي تتزايد في العواصم العربية مطالبة برحيله إلى المقالات واللقاءات الإعلامية التي تناشد نفس الغرض إلى مقاطعة مطعم سوري في العاصمة السعودية لأنه يضع صورة بشار الأسد إلى تمزيق صور بشار الأسد في مكاتب «الخطوط السورية» بالقاهرة وغير ذلك.

ولكن العالم يطلب حراكا أكبر، يطلب سحب كافة السفراء المسلمين والعرب من سوريا، وطرد سفراء هذا النظام المجرم من الدول، وتجميد عضوية هذا النظام في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية وكل المنظمات العربية والإسلامية بلا استثناء. نظام لم يحترم نفسه ولا شعبه ولم يراع حرمة شهر القرآن ويستمر في مسلسل الإبادة. على الجميع العمل على إخراجه ورحيله فورا. والجيش السوري بموقفه «العجيب» لن يتذكره التاريخ بالانقلاب العسكري ولكن بالانقلاب الأخلاقي، فعلى الأحرار فيه التنصل من النظام، وهذا أعظم جهاد سيقبلون عليه.

نظام الأسد يثبت أنه للحظة الأخيرة وبكل الفكر التآمري بحق شعبه والعرب الذين حاربهم والفلسطينيين الذين يبادون الآن في مخيماتهم داخل سوريا أيضا، لا يقل خطورة عن إسرائيل على المنطقة.

[email protected]