كلها من حرفين؟!

TT

أنا أتمنى أن أكتب قصة طويلة.. أروي فيها كيف حدث فجأة أن رجلا عجوزا - وأنا مصر على أن يكون المحب عجوزا - أحب فتاة.. ونقطة الخلاف بينهما ليست فارق السن.. فالمرأة عندها من مخاوفها وتجارب جنسها كله ما يجعلها تستطيع أن تقف مع أي رجل.. وفي أي سن على مستوى واحد..

فالفتاة في أي سن.. تستطيع أن تكون شريكة لأي رجل.. في أي شيء أو أي معنى.. ونقطة الصراع بينهما ستكون في شيء صغير جدا تافه.. يبدو تافها.. إنها تريده أن يكون صعبا.. أن ينطق بصعوبة.. ألا ينطق بكلمة الحب أبدا.. ألا يقولها مهما كانت الظروف.. إنما تريد أن تغتصب منه هذه الكلمة، أن ترى حروفها على مر السنين على وجهه.. على لسانه.. إنها لا تريد أن تسمع كلمة الحب.. ولا أن تراها.. ولا أن ترى مقدماتها.. تريد أن تحسها ولا تراها.. أن تتوهمها.. أن تتخيلها.. أن تحلم بها.. ولذلك فهي تنقله إلى الجو الجميل.. فإذا رأت الحروف الأولى للحب هربت منه وهربت به.. ويتعذب هو وتتعذب هي من أجله.. وتعود إليه تتمسح فيه.. وتبكي لأنها لا تسعده ولا تعرف كيف.. ولا تعرف لماذا تحب الحب.. وتكره كلمة الحب.. تحب الحنان وتكره كلمة الحنان.. أما هو فمشكلته أنه يريد أن يسمع منها كلمة الحب.. أن يسمع منها كلمة الحنان.. يريد أن يرى الوجه الذي يحبه وقد تبدلت عليه كل ألوان الحب.. كل حروف الحب.. فينزل شعرها على وجهها «كالألف واللام» وينفتح فمها «كالحاء».. ويطبع هو قبلة تكون كالنقطة تحت الباء..

يريد أن يلصق على وجهها ورقة كتب فيها كلمة الحب ملايين المرات.. يريد أن يصبح كلامها كله مكونا من حرفين.. حاء باء.. كل الحروف الهجائية لا تهمه.. كل الكلمات لا تهمه.. يهمه فقط هذان الحرفان.. وتصبح مشكلته أنه يريد أن يسمع الكلمة التي تكرهها هي!!

وهو يريد أن ينقلها إلى الجو الحلو لكي تقولها.. وهي تنقله إلى نفس الجو لكي يهم بالكلام ولا يقول.. نار.. نار يدخلها برجليه.. نار تهرب منها هي برجليها وبرجليه.. نار تجعل الحب يتلوى والماء يغلي.. والعجوز يتحول إلى طفل.. والطفل يلهو ويلعب كالعيال.. ويبكي كالرجال!