ماذا في الاسم؟

TT

في مسرحية روميو وجوليت، تكتشف جوليت أن حبيبها روميو يحمل اسم عائلة معادية لعائلتها. تقف وتتساءل: ماذا في الاسم؟ الوردة تعطي نفس العطر بأي اسم شئت أن تعطيها. جسمت بقولها هذا الموقف العقلاني والعملي عند الغربيين. ولكننا نحن أبناء الشعوب السامية نعتز بأسمائنا إلى حد الهوس. واجهت هذه المحنة الكثير منا في الغرب. فأمام موجة الإسلامفوبيا (الخوف من الإسلام) رأى الكثيرون من أصحاب المهن والأعمال أن الاسم الإسلامي يعرقل تقدمهم في أعمالهم. لوحظ أيضا أن مثل هذا الاسم يسبب للطفل محنة ومعاناة بين زملائه في المدرسة، فلا يحلو للأولاد أكثر من إغاظة صاحبهم بتشويه اسمه وإساءة استعماله. سعى بعضهم إلى تغيير أسمائهم. ولكن كيف تجرؤ على ذلك إذا كان اسمك «محمد» على اسم النبي صلى الله عليه وسلم ثم تسقطه وتغيره إلى جورج أو كريستوفر؟ ومحمد هو أكثر اسم شائع الآن في بريطانيا.

مر بهذه المحنة أيضا اليهود العراقيون الذين هاجروا إلى إسرائيل واقتضى عليهم أن يغيروا أسماءهم العربية إلى أسماء عبرية أو يديشية أو أوروبية ليجتثوا جذورهم العربية ويطابقوا أنفسهم بأسيادهم من اليهود الأشكيناز. تمكن بعضهم، كالكاتب الكبير نسيم رجوان، من مغالبة هذا الطلب وتمسكوا بالاسم القديم.

واجه هذه المشكلة وهذا التباين بين الذهنيتين العربية والغربية الحزب الشيوعي البريطاني والحزب الشيوعي العراقي. رأى الشيوعيون الإنجليز بعد انهيار الشيوعية في شرق أوروبا وتراجع الاشتراكية في غربها أنهم قد تخلوا عن معظم المبادئ الماركسية القديمة كالتأميم والمركزية وشمولية السلطة. كما أن كلمة «الشيوعية» أصبحت كلمة مكروهة حقا. اجتمع القوم وتداولوا في الأمر وغيروا اسم حزبهم وأسقطوا كلمة «الحزب الشيوعي» منه.

واجه العراقيون نفس المشكلة في السنوات الأخيرة. لاحظوا أن شعاراتهم القديمة، النضال ضد الاستعمار وتأييد الدول الاشتراكية والإصلاح الزراعي والتأميم ومحاربة الإقطاع، أصبحت خارج الصدد. مهماتهم اليوم محصورة في دعم الحريات العامة والشخصية والديمقراطية البرلمانية وإقامة المجتمع المدني وحرية التفكير ومساواة المرأة ونحو ذلك من القيم الليبرالية. ألا يقتضي ذلك تغيير اسم الحزب، تماشيا مع مسيرة التاريخ وسنة التطور، ولا سيما بعد أن أصبحت كلمة «الشيوعية» هنا أيضا تثير الأعصاب؟

اجتمع القوم وناقشوا الموضوع وعرضوا الاقتراح مرتين على أعضاء الحزب. وكان الجواب مثالا جيدا للذهنية السامية القديمة. كلا، بل نتمسك بالاسم العزيز علينا. سمعت بأن أحدهم هدد بالانتحار إذا غيروا اسم الحزب.

آه! يا لهوس العرب بالماضي!

وللحزب الشيوعي العراقي ماض خطير لا يعرف تفاصيله معظم العرب الآخرين. كان وبقي الحزب الرئيسي في العراق حتى أيام صدام حسين ولعب دورا حاسما في كثير من مفترقات السياسة العراقية بخيراتها وحماقاتها.