ثمة ضرورة للتوفيق بين الوقاية من أضرار التغيرات المناخية التي يشهدها العالم، خاصة ارتفاع معدلات حرارة الطقس، وبين الاحتياج الصحي والترفيهي لممارسة الأطفال والمراهقين الأنشطة الرياضية البدنية. في هذا السياق أعلن الخبراء الطبيون في «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال» (AAP) عن إصدارهم تحديث إرشاداتهم حول ممارسة الأطفال للأنشطة الرياضية البدنية، وذلك ضمن عدد سبتمبر (أيلول) المقبل من مجلة طب الأطفال «بيدياتركس» (Pediatrics) الصادرة عن الأكاديمية، تحت عنوان «إجهاد ضغط حرارة المناخ وممارسة الأطفال والمراهقين للرياضة البدنية» (Climatic Heat Stress and the Exercising Child and Adolescent).
وقال الخبراء، في مقدمة الإرشادات: «لأسباب فسيولوجية حيوية ولأسباب بنيوية، لا يتكيف جسم الأطفال عند ممارستهم التمارين الرياضية في الأجواء الحارة بشكل فاعل كما هو الحال لدى البالغين، وهو ما قد يؤثر على أدائهم وحالتهم الصحية، خاصة ارتفاع احتمالات تعرضهم لمخاطر الاضطرابات المرضية الناجمة عن حرارة الأجواء (heat - related illness). وهذه الإرشادات تلخص كيفية وقاية الأطفال من تأثيرات ممارستهم للرياضة في الأجواء الرطبة والحارة ووقايتهم من الجفاف (dehydration) بسبب ذلك».
وأكد الخبراء أن بالإمكان منع حصول تلك الاضطرابات المرضية الناجمة عن حرارة الأجواء. وعلى الأطباء والمدرسين والمدربين والوالدين أن يكونوا على علم ودراية بالمخاطر المحتملة لممارسة الرياضة المجهدة في الأجواء الحارة والأجواء الرطبة، كي يتخذوا الوسائل التي تمنع أطفالهم من الإصابة بتلك الاضطرابات الصحية.
وعرض الخبراء دواعي اختلاف قدرة أجسام الأطفال والمرهقين على التكيف عند ممارسة الرياضة في الأجواء الحارة مقارنة بالبالغين، وهي ما تشمل، أولا: أن لدى الأطفال كبرا في «نسبة مساحة سطح الجسم مقارنة بالوزن» (surface area - to - body mass ratio) مقارنة بالبالغين، وهو ما يؤدي إلى سهولة تراكم الحرارة في جسم الطفل أو المراهق عند ممارسة الرياضة في الأجواء الحارة وسهولة فقد أجسامهم للحرارة عند فعل الشيء نفسه في الأجواء الباردة. وثانيا: أن أجسام الأطفال تنتج كمية أكبر من الحرارة عند أداء المجهود البدني، مقارنة بالبالغين. وثالثا: أن سعة قدرة إفراز كمية كافية من العرق لتبريد الجسم (Sweating capacity) هي أقل لدى الأطفال والمراهقين، بخلاف البالغين، مما يعني احتباس الحرارة داخل أجسام الصغار بكمية أكبر. وذكر الخبراء أن قدرة التحمل لدى الأطفال والمراهقين تبدأ بالنقص حينما تبلغ درجة حرارة الهواء 35 درجة مئوية. وكلما زادت عن ذلك قلت بشكل أكبر القدرة لديهم. كما ذكروا بأهمية التنبه إلى أن الرطوبة عامل مهم في الأمر، ذلك أنه كلما زادت نسبة الرطوبة مع زيادة الحرارة تدنت قدرة العرق على تبريد الجسم. والسبب معلوم للكثيرين، وهو أن الرطوبة العالية تمنع تبخر العرق عن سطح الجلد، وبالتالي تقل قوة التبريد التي تعطيها للجسم عادة تبخر العرق عن سطح الجلد.
وأضافوا أن الأطفال والمراهقين عادة لا يقبلون على تكرار شرب الماء بكمية كافية خلال ممارسة الرياضة البدنية، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بنقص السوائل في الجسم، أي الجفاف. وهو ما يعني ارتفاع احتمالات التضرر من حرارة الأجواء وتبعاتها الصحية على أجسام الصغار.
ولخص الخبراء إرشاداتهم في 4 نقاط مهمة، هي:
* خفض مدة ممارسة الدرجة الشديدة من المجهود البدني إلى أقل من ربع ساعة، خاصة عند ارتفاع نسبة الرطوبة أو ارتفاع كمية التعرض لأشعة الشمس (solar radiation) أو ارتفاع درجة حرارة الأجواء.
* التدرج في زيادة مدة ممارسة الرياضة البدنية عند الانتقال حديثا إلى مناطق حارة أو مرتفعة الرطوبة، أي إلى حين تعود جسم الطفل أو المراهق عليها وذلك خلال فترة 10 أيام على أقل تقدير.
* الحرص على إرواء جسم الطفل أو المراهق بشرب الماء قبل البدء في ممارسة الرياضة. والحرص على إجبارهم على تكرار شرب الماء خلال الرياضة، حتى لو لم يشعروا بالعطش، وتحديدا شرب 150 ملل من الماء البارد نسبيا في كل 20 دقيقة للأطفال دون وزن 40 كيلوغراما، و250 ملل للأطفال أو المراهقين دون وزن 60 كيلوغراما.
* الحرص على ارتدائهم ملابس خفيفة الوزن وذات ألوان فاتحة، ومصنوعة من أقمشة تمتص الرطوبة وتسهل خروج العرق وتبخره. واستبدال ملابسهم حال ابتلالها أو تشبعها بالعرق.
وذكروا أمرا مهما، هو ضرورة اعتماد قياس أجهزة «WBGT» في ملاعب الأطفال والمراهقين، التي تعطي مؤشر قياس 3 أمور طقسية، هي: درجة إجهاد حرارة الطقس، ودرجة نسبة الرطوبة، ومقدار نسبة الأشعة الشمسية، بدلا من الاعتماد على استخدام ترمومتر قياس درجة حرارة الهواء فقط. وذكروا، تحديدا، أن بلوغ المؤشر رقم 29 فما فوق يعني ضرورة منع الأطفال والمراهقين من ممارسة الرياضة في تلك الأحوال.
* استشاري باطنية وقلب مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض [email protected]