ارحل يا بشار

TT

كان يوم الخميس الماضي يوما لافتا في مسيرة الثورة السورية على نظام بشار الأسد؛ فمع ازدياد نوعي وكمي للمواقف الدولية والعربية ضد نظام الأسد، ومؤازرة الثوار السوريين وتأييد مطالبهم، زاد عناد وتعنت نظام الأسد وتمادى في القمع والاستيحاش، فأميركا وبريطانيا وفرنسا طالبت صراحة بالتنحي الفوري لبشار الأسد، وإسبانيا والبرتغال طالبتا بالتضييق على النظام السوري لإجباره على وقف قتل وقمع شعبه، وسويسرا قامت بسحب سفيرها احتجاجا على سياسة النظام السوري، وكذلك فعلت تونس، وتم الإعلان عن مجموعة مهمة جدا من العقوبات الاقتصادية الجادة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، الغرض منها خنق النظام اقتصاديا، بل إن اليابان، الدولة الصامتة والمحافظة سياسيا، نطقت مطالبة برحيل الأسد فورا، وسرعة وتيرة الإجماع على ضرورة وحتمية رحيل نظام بشار الأسد الدموي أخذت إجماعا عالميا أسرع وأهم من الحراك الذي حصل بحق الموتور معمر القذافي زعيم ليبيا. وسط هذا الزخم حصل «حادث» غريب ضد إسرائيل نفذته مجموعة مجهولة انطلقت من غزة عن طريق الأراضي المصرية، ونفذته داخل إسرائيل بالقرب من إيلات، والمجاميع الفلسطينية المسلحة محسوبة كما هو معروف على سوريا، وتحريكها في هذا الوقت يذكرنا بصواريخ «سكود» التي أطلقها الرئيس العراقي صدام حسين على إسرائيل في حركة «مقاومة» اللحظات الأخيرة، واليوم نرى مقاومة «بحشرجة» من النظام السوري الغريق تشبه سفينة التايتنك وقد ارتطمت بجبل الجليد المطمور فدخلت إليها المياه بكميات مهولة، ولكن رواد السفينة في الأدوار العليا منها كانوا في غفلة ومغيبين تماما عن الحدث، وفي حال إنكار تام حتى غرقت ورقدت في قاع المحيط. «حشرجة» مقاومة، الغاية منها خلط الأوراق وتوريط دولة عربية كبيرة كمصر، وتحييدها من اتخاذ موقف ضدها، وإشغال ساحة الرأي العام بالموضوع الإسرائيلي. إسرائيل دولة مجرمة، وسجلها أسود مليء بالاغتيالات وخرق النظم والقوانين والعهود، ولكن النظام السوري تفوق على الإجرام الإسرائيلي بحق شعبه، وارتكب من المجازر ما سيعجز التاريخ عن سرده. لا مجال اليوم لمناصرة نظام بشار الأسد ولا البقاء صامتين على جرائمه، واليوم بعد سحب السفراء من سوريا، الدول الحرة مطالبة بطرد سفراء هذا النظام من أراضيهم، وكذلك مندوبيه وممثليه في جميع المؤسسات بشتى أشكالها.

إجماع المجتمع الدولي التدريجي على رحيل الأسد وزيادة رقعة المظاهرات في الداخل السوري كمّا ونوعا يؤكدان تماما أن هذا هو مطلب عادل وأخلاقي لنظام فقد الشرعية وفقد الإنسانية، اللتين لم تكن كلتاهما لديه من اليوم الأول. المذهل في الموضوع أن الشأن السوري وتأييد الثورة السورية أصبح أحد أهم المطالب الشعبية في العالم العربي، فالمساجد مليئة بالدعاء لنصرة الثوار، والتبرعات المالية والعينية متواصلة، والدعم متزايد، والضغوطات على الحكومات مستمرة لحصار الحكومة السورية بشكل أكبر، وفضح جرائمها باستمرار وبلا هوادة. كلمة نطق بها بلبل الثورة السورية إبراهيم قاقوش، الذي نحر من قبل النظام السوري الدموي، وتم إخراج حلقه ورميه في نهر العاصي، الكلمة هي: «ياللا ارحل يا بشار»، ها هو العالم بأسره ينادي بها، ويحولها إلى حالة سياسية عامة وحكم بنهاية نظام جلب العار والخزي ووجب رحيله.

[email protected]