هل الأصنام العربية القديمة أصلها فرعوني؟!

TT

لا شك أنه سؤال صعب، ولكن من الممكن الإجابة عنه، وهذا هو ما فعله (اليوت سميث)، والذي استنتجه قبل أن يموت بعدة سنوات، فهو يرى أن تلك الأصنام إنما كانت مجرد محاكاة للتماثيل الفرعونية، بسبب التواصل القديم، حيث إن أكثر الأقطار تأثرا بالثقافة الفرعونية كانت الجزيرة العربية والجزء الشرقي من أفريقيا، لأن مراسيل الفراعنة رحلوا إلى تلك المناطق وجابوها للحصول على الأفاويه والعلوك والبخور وسائر الأطياب التي يحتاج لها الكهنة في التحنيط والعبادة، وهذا ما يذهب إليه أيضا عالم الآثار المصري (أحمد بك كمال).

وإذا نظرنا في أسماء هذه الأصنام رأينا أكثرها مأخوذا من أسماء المعبودات الفرعونية. فمن عهد الدولة الرابعة كان المصريون يذهبون بالبضائع إلى الجهات الجنوبية من بلاد العرب، فيحتمل أنهم أخذوا أصنامهم معهم فاقتدى العرب بهم في عبادتها. وقد نص على ذلك الفراعنة أنفسهم في بعض كتاباتهم بما لا يبقي محلا للريب.

وإليكم بعض ما اهتدينا إليه من أصل أسماء الأصنام العربية وردها إلى الفرعوني:

أولا: الصنم (مناة) الذي عبدته قبائل كثيرة من العرب. وقد وجدت باسمها ورسمها في الآثار الفرعونية أي (مناة) وهي إحدى الحاتحورات أي (المعبودات السبع) التي وجدت مرسومة في هيكل أسنا ومعناها (المرضعة).

ثانيا: الصنم (العزّى) وقد قيل إنه كان شجرة لغسان من أكبر أصنام العرب.. وهي معبودة فرعونية يقال لها (أزى) وهي من الحاتحورات فعبادتها من عبادة النجوم مثل عبادة مناة لأن معنى (أوزيت) القمر المنير بعد خسوفه.

ثالثا: الصنم (اللات) - أو (الطاغية) وتسمى في المصرية (اللات) ويرمز بها إلى الحصاد والنمو ولعلها رمز إلى النجم (اللت).

وحتى في المفردات اللغوية، فمثلا لفظة (آمين)، تذكرها المعاجم العربية على أنها اسم فعل بمعنى (استجب)، وقد حاول كثيرون من رجال اللغة أن يردوها إلى أصل عربي فلم يستطيعوا وأنكر عليهم ذلك الحسن البصري. والآن نحن نعرف أن أرجح التفاسير لهذه اللفظة أنها محرفة عن (آمون) الفرعوني القديم ولكن الفراعنة الذين حفظوا اسمه لم يحفظوا أصله، فظنوا اللفظة دعاء فقط، أما الفرق بين (آمون) و(آمين) فليس كبيرا، فنحن نقول مثلا (توت عنخ آمون)، والأوروبيون يسمونه (توت عنخ آمين).

وهناك لفظة أخرى جديرة بأن تلفت نظر الباحثين وهي لفظة (إرم). فقد قال ياقوت إنها «في أصل اللغة حجارة تنصب علما» ثم بعد ذلك ذكر (إرم ذات العماد) فكتب عنها أكثر من ثلاث صفحات جاء في آخرها فقال: «هذه القصة مما قدمنا البراءة من صحته. وظننا أنها من أخبار القصاص المنمقة وأوضاعهم المزوقة».

أما المعاجم فتحار في أصلها ويقول أحدها: (إرم ذات العماد): دمشق، وقيل الإسكندرية، وقيل موضع بفارس، وقيل إنها مدفونة في رمال صحراء الربع الخالي - والله أعلم -

[email protected]