سوريا: خطوة ثالثة في مجلس الأمن

TT

جاءت الخطوة الأولى عشية تصويت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على إحالة الملف النووي السوري إلى مجلس الأمن، إثر مماطلتها وعدم تعاونها مع مفتشي الوكالة أثناء زيارتهم المفاعل النووي السوري في مجمع دير الزور الذي قصفته طائرات إسرائيلية عام 2007. وتزعم بعض الدول أن برنامجا نوويا سريا أقيم في الموقع المذكور؛ وهو ما يعد انتهاكا صارخا لاتفاق الضمانات المعقود بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وسوريا في إطار اتفاقية حظر الانتشار النووي NPT.

الخطوة الثانية التي خطتها سوريا في مجلس الأمن كانت في أعقاب الاستخدام المفرط للقوة ضد المناهضين لنظام الحكم خلال الأشهر الماضية، فأصدر مجلس الأمن بيانه الرئاسي.

تمادي السلطات السورية في بطشها ضد المحتجين المدنيين، أصبح حدثا دوليا فريدا، لا يمكن السكوت عنه. القائد الفذ الملك عبد الله بن عبد العزيز كسر حاجز الصمت العربي والإسلامي المخيف، ووجه نداءه الحاسم والصادق للقيادة في دمشق يطالبها بوقف العنف والجنوح للسلم. توالت الإدانات وتراكم الزخم وأفضى إلى دعوة بعض الدول الكبرى إلى تنحي الرئيس بشار الأسد. أوشكت سوريا على وضع قدمها كخطوة ثالثة في مجلس الأمن، هذه الخطوة ستكون حارقة للقدم السورية. فربما أصدر مجلس الأمن قرارا خلال الأيام القادمة تعده بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا والبرتغال بتأييد أميركي؛ يحاكي الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ويتضمن عقوبات اقتصادية صارمة والمطالبة بمحاكمة رموز سياسية في المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية. وفي هذا الإطار، ستصبح دمشق في مأزق سياسي يشل حركتها في الداخل والخارج، يتبع ذلك تبلور لمواقف المحتجين ونضوج أفكارهم، مما يضفي شرعية على مطالبهم. انقسام مجلس الأمن احتمال وارد قد يؤجل صدوره، لا سيما أن روسيا تربطها علاقات متينة مع سوريا نسجتها النخب السياسية والاقتصادية في البلدين على مدى سنوات طويلة. بكين تبدو قلقة كلما لاح في الأفق موضوع التدخل، فهي مسكونة بقضايا الانفصال التي تعانيها. العضو العربي في مجلس الأمن، لبنان، سيبقى موقفه مرهونا بما يستجد في بيروت، وهو في الغالب سيصوت ضد أو يمتنع عن التصويت على أي قرار يدين دمشق المثقلة بضغوط قاربت على إنهاكها.