إلى جواري رأيت هذه السيدة.. يدها على خدها.. ويدها الأخرى على خدها الآخر.. وحنت رأسها كما لو كانت تنظر إلى وجهها في مرآة.. أو في صفيحة ماء.. ماء بحر.. أو النيل أثناء الفيضان.. وقلت لها: كيف حالك؟ أنت الوحيدة هنا التي يمكن أن نسألك عن حالك.. وتكون الإجابة معقولة.. أو على الأقل إجابة ليست مكشوفة.
قالت: والله تعبانة جدا..
قلت: لأي سبب؟
قالت: أنت عارف المشكلة التي أعيشها.. وليس لها حل.. أين هو الآن؟ (زوجها).
إنه داير على حل شعره في أي مكان.. تفتكر ممكن تكون حياة زوجية بهذا الشكل؟ لماذا تزوجني؟ لا أنا لي قيمة عنده.. ولا هو له قيمة عندي.. ولا هذه العلاقة التي بيننا لها أي معنى.. ما معنى الزواج عندكم يا رجالة؟ معناه أن واحدا يضع يده على واحدة وخلاص.. بس كده.. أنتم غلطانين في الحساب.. أنتم تتصورون أن الزواج هو عبارة عن 2+2=4.. بهذه البساطة.. أنت تزوجتني يعني أنا تزوجت وخلاص.. أبدا مش خلاص.. لا بد من أن يبذل الرجل مجهودا في الاحتفاظ بزوجته.. في الاحتفاظ بحبها له.. بالاحتفاظ بهذه العلاقة نفسها.. أنت متصور أن 2+2=4 حقيقة يعرفها كل الناس.. أو حقيقة إذا عرفها كل الناس فإنهم يحرصون عليها وينفذونها. أبدا.. أنت عارف الدولة.. القانون.. الجيش.. البوليس.. النظام كله علشان إيه؟
علشان هناك الكثير جدا من الناس لا يؤمنون بأن 2+2=4.. التاجر يسرق.. الزارع يسرق.. الموظف يسرق.. الدولة تسرق.. والسرقة معناها إيه؟ معناها أن 2+2 لا تساوي أربعة.. تساوي ثلاثة.. تساوي واحدا.. فالتاجر يغشك.. يأخذ أكثر من حقه.. والدولة تسرق.. أي أنها تأخذ أكثر من حقها.. أي أنها لا تعدل.. أي أنها ظالمة.. فالدولة بنظامها وقانونها وتشريعها مهمتها أن تجعل الناس يتذكرون جدول الضرب.. فهذه العملية الحسابية محتاجة إلى مجهود.. إلى قوة لكي يؤمن الناس بأنها حقيقية.. وكذلك الزواج حتى إذا كان بديهيا.. فإنه محتاج إلى مجهود.. مجهود من جانب الرجل ومن جانب المرأة أيضا.. أنت متصور أنني وسعت المناقشة جدا ولكن هذه العلاقة بين الرجل والمرأة هي أساس العلاقات كلها.. فالعدل يبدأ في البيت، والظلم يبدأ في البيت.. والبيوت الظالمة لا يتكون منها مجتمع عادل!