هل تتدحرج كرة النار إلى إيران؟

TT

عندما تسيطر البراغماتية على السياسة الخارجية لأي دولة بشكل حاد ينتج عنه تذبذب في مواقف هذه الدولة وتجاهل كل القوانين والتشريعات التي تحكمها مع الدول الأخرى وهذه الحقيقة أصبحت تنطبق تماما على إيران وأصدق دليل على ذلك أنه في الوقت الذي تشجب فيه أغلب دول العالم حرب الإبادة التي يشنها النظام السوري على شعبه تنفرد إيران بموقف مخالف والذي جاء على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست عندما قال إن الأحداث الجارية في سوريا «شأن داخلي»، وأدان التدخل الغربي لا سيما من جانب الولايات المتحدة.

ونقول له وماذا عن تدخل إيران في البحرين في أحداث فبراير؟ ألم يكن ذلك شأنا داخليا؟ ألم تتدخل سفارة إيران في الكويت أثناء الأزمة في البحرين؟ إن آخر دولة في العالم يحق لها شجب التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى هي إيران حيث جند الحرس الثوري المئات من رجاله للتدخل في شؤون الدول الأخرى وخاصة دول الجوار.

ونقول لإيران إنها بذلك تلعب بالنار وستدفع ثمن سياستها التآمرية ومواقفها هذه التي جعلت قادتها يتركون تصريف كل شؤون بلادهم وحل كل قضاياهم ومشكلاتهم الداخلية مع شعبهم والخارجية مع دول العالم، ولم يصبح لهم إلا هم واحد فقط وهو التعاطي مع ما يجري في الشأن الداخلي للدول العربية. وأعتقد أن التمادي في ذلك جاء من منطلق أنهم أصبحوا يعتقدون أن الجو قد صفا لهم أكثر من أي وقت مضى في تنفيذ مخططاتهم التوسعية في الدول العربية، وخاصة في ظل المتغيرات السياسية التي تمر بها هذه الدول وانشغالها حكومات وشعوبا في أمورها الداخلية.

وبدأ ذلك منذ الغزو الأميركي للعراق، حيث تعزز نفوذها وأصبح لها اليد الطولى في العراق عبر حكومة المالكي، وفي لبنان عبر ما يسمى بحزب الله واليوم تحاول التدخل في الشؤون الداخلية لمصر عبر نشر المذهب الشيعي الفارسي الذي هو عندها بمثابة قميص عثمان تخفي وراءه أطماعها التوسعية في العالم العربي لتنفيذ هذا المشروع، وهذا في حد ذاته ليس بالموقف الشجاع ولكنه موقف براغماتي يأخذ به الذين يستغلون ظروف الدول لتصفية الحسابات ولتحقيق الأطماع.

ومع كل ذلك نستطيع القول إن حسابات إيران خاطئة. فالقادة الإيرانيون يبدو أنهم بحاجة إلى دروس في السياستين الداخلية والخارجية، وكان أولى بهم أن يصححوا علاقتهم مع شعبهم ومع الدول المحيطة بهم، بل مع العالم خاصة أن النار ما زالت تشتعل تحت الرماد في إيران وخاصة بعد الانتخابات المزورة التي جاءت بأحمدي نجاد ولم تذهب نتائجها أدراج الرياح. وسوف يتحرك الشعب الإيراني عاجلا أو آجلا فهو صاحب حضارة ساهمت بدور إيجابي في تطور حضارة الإنسانية قديما وعلى مر العصور.

وأما حكام إيران الجدد فما هم إلا نسخه قديمة مكرره من ملالي الثورة الإيرانية في أول عهدها والتي هجرت العقول الإيرانية الواعية إلى أنحاء العالم وجعلت الشعب الإيراني تحت ظروف معيشية صعبة. فهل تدرك إيران المتغيرات الدولية والإقليمية؟ وهل تعي أن كرة النار سوف تتدحرج إليها إذا ما واصلت تماديها في هذا الطريق؟ هذا ما سوف تجيب عنه الأيام القادمة.

* باحث أكاديمي بحريني