النكتة شيء حزين!

TT

من المؤكد أننا نحب النكتة ونخترعها في كل المناسبات.. ولكن هذا يؤكد أننا شعب ضاحك.. ولكن ليس شعبا مرحا ولا شعبا ساخرا..

فالضحك: عصبي.

والمرح: نفسي وعقلي.

والسخرية: نقد ومثالية.

أما الحزن الذي في أعماق تاريخنا فهو في أعماقنا أيضا.. ولذلك كان الأسى والشجن.. ويجب ألا ننخدع بظهور الورود وراء المطرب والمطربة فهي أيضا وراء النعش في الجنازات.

ولذلك فالأغاني والموسيقى لا تنعش أحدا.. وإنما تضاعف حزنه على نفسه وعلى أهله ومستقبله.. إنها ليست من النوع الذي يفرفش شارلمان!!

ويقال إنهم سألوا الملك شارلمان لماذا هذا العدد الكبير من المغنين والعازفين وراءك؟ فأجاب: إن العظمة تحتاج إلى من ينعشها ويفرفشها دائما!

ولا هي من ذاك النوع الذي يشغل الناس عن الحاكم كما قال الكاردينال الإيطالي الأصل مازاران أحد وزراء لويس الرابع عشر.. قال إن الشعب الفرنسي لطيف جدا.. جدا.. أنا تركت لهم الغناء والرقص.. وهم تركوا لي السياسة.

ثم يستدرك مازاران بعد ذلك ويقول كانت غلطة.. الشعب الفرنسي أخذ أجمل ما في الحياة وانفردت أنا بأسوأ ما فيها.

ولا تزال الأغاني المصرية والمطربون المصريون واقفين هناك.. لم يتقدموا في الكلمة واللحن والأداء.. هل لأنهم عاجزون؟ هل لأننا نحن عاجزون عن التغيير وأنهم ظلال لنا.. صدانا؟.. وإذا كنا نكره هذا الذي نراه فمعنى ذلك أننا نسينا أنهم انعكاس لنا؟

فنحن – إذن - نكره أنفسنا.. ونكره عجزنا عن تطوير قدراتنا والتعبير عنها في الشعر والغناء والموسيقى!

ومنذ أيام تحيرت بين القرف والضحك عندما سمعت مطربا شابا.. بل ليس مطربا.. فأغنية واحدة لا تصنع مطربا.. كما أن زهرة واحدة ليست ربيعا.

فإن لم تكن غباوة وغرورا.. فهو الفشل والإفلاس.. ومن أجل إقناع الملايين بصوته وصورته غنى لنا واحدة من أغانيه.. وكان مقنعا بأنه من أجل مثل هذه الأصوات الهزيلة.. انتشرت الكاسيتات لأصوات شابة جديدة.. تعلق بها الناس اعتمادا على قاعدة تقول: إذا لم نجد ما نحبه فإننا نحب ما نجده!