لن تتغير سوريا وإيران إلا إذا توحد شعباهما كما حدث في ليبيا

TT

تورونتو - عندما تنظر أجيال المستقبل إلى الوراء، سيتذكرون عام 2011 بأنه العام الذي شهد نهاية حكام ديكتاتوريين في منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي. وقد انضم العقيد الليبي معمر القذافي الآن إلى الحكام المستبدين المخلوعين بمنطقة الشرق الأوسط. وبعد مرور 8 أشهر من الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي بعد 23 عاما من الحكم المستبد، وبعد الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك من سدة الحكم إثر احتجاجات استمرت لأسابيع قليلة في ميدان التحرير، يصل القذافي إلى نهاية فترة حكمه بعد 42 عاما من الحكم الديكتاتوري.

وفي الواقع يمكن النظر إلى عام 2011 على أنه نقطة البداية لنقلة نوعية في الشرق الأوسط ستضع النهاية للحكام المستبدين الباقين في المنطقة بينما يتم إعادة هيكلة طريقة تحديد أسعار مصادر الطاقة وتوفيرها بمختلف أنحاء العالم.

ورغم أن التغيير الإيجابي في النظم الحاكمة قد يحدث على المدى الأطول، من المحتمل أن تطرح التداعيات السياسية والاجتماعية على المدى القصير تحديا نوعا ما. ومن المؤكد أن الإطاحة بالأنظمة الحاكمة في المغرب العربي والشرق الأوسط ستبرهن أنها أسهل، مقارنة بعملية التأسيس الصعبة وغير المؤكدة لحكومات ديمقراطية علمانية.

وحتى الآن تسعى الأنظمة السلطوية الباقية داخل المنطقة، مثل إيران وسوريا، إلى تحصين نفسها من سيناريو يشبه ما حدث في مصر. وتستمر هذه الأنظمة في ممارسة درجة كبيرة من أعمال العنف ضد المعارضين، معتقدين أنه في مقدروهم البقاء في السلطة طالما ظلوا قادرين على ترويع مواطنيهم.

وكما رأينا خلال الأشهر الأخيرة فإن هذه الاستراتيجية التي جربت وبرهنت على فعاليتها لعقود لم تعد تثمر حاليا. ولأنه ليس لديهم خيار آخر، فإنهم مستمرون في نفس الأسلوب بصورة وحشية.

لطالما قال القذافي ومبارك وبن علي والأسد ومن على شاكلتهم إنهم زعماء محبوبون من شعوبهم، فيما كانوا يمسكون بمواطنيهم من أعناقهم.

لقد اشتركوا جميعا في سمتين: استخدام القوة المفرطة ضد المعارضين والمحتجين، وعدم الوفاء بالتعهدات.

ولكن إذا كان ثمة شيء نتعلمه من التاريخ، فإن هناك حدا للوحشية المطلقة التي يستخدمها الحاكم المستبد ضد مواطنيه.

وفي النهاية، لا يمكن للديكتاتور أن يسجن أو يعدم أو ينفي هذا العدد الكبير من مواطنيه مع الزعم بالولاء.

وبعد أن وصل التحدي لحكم القذافي إلى نهايته بانتفاضة عنيفة أجبرت الحاكم المستبد الذي يحكم البلاد منذ وقت طويل على أن يترك سدة الحكم، من المؤكد أن كل الديكتاتوريين في المنطقة سيقومون بتقييم المخاطر ويحاولون تبني استراتيجيات لتقليل مدى تعرضهم لسيناريوهات مماثلة.

وسيتضح ما إذا كان بشار الأسد في سوريا والحرس الثوري في إيران قادرين على الاستمرار في ترويع مواطنيهم ليفوزوا بفرصة الموت في أسرتهم الخاصة. وبعيدا عن الأماني، من المؤكد أن النظامين السوري والإيراني، رغم أنهما فقدا شرعيتهما السياسية والأخلاقية، يضاعفان من جهودهما لقمع المعارضين كي لا ينتهي الأمر بهما مثل مصر أو ليبيا.

ومن خلال القيام بذلك، فقد وضعا عقبات عدة للتحول غير العنيف في هذه الدول، بيد أنه لا يعتبر إنهاء حقبة الرعب داخل سوريا وإيران مستحيلا تماما إذا قام المواطنون في هاتين الدولتين بتولي مسؤوليتهم الجماعية، كما فعلوا في ليبيا، والسعي لوضع نهاية لانتهاكات حقوق الإنسان.

ولكن ربما يكون من المؤلم الإقرار بأن الوقت قد تجاوز «احتواء ديكتاتور» من جانب المجتمع الدولي الذي يسعى للدفع بخلافة في القيادة وخلق مساحة لمستبدين معتدلين.

إن الترويج للديمقراطية من الخارج ليس عمليا أو فعالا ما دام أن المواطنين غير مستعدين للتجمع معا وترك حالة الخوف والسعي للإطاحة بحكامهم الديكتاتوريين، مهما كانت المخاطر أو التكلفة. وكما قال مكيافيللي: «يحرك الرجال دافعان رئيسيان، الحب أو الخوف».

الحكام الديكتاتوريون، من أمثال القذافي، الذين تحدثوا طويلا عن حب شعوبهم ثم خلقوا صورة لأنفسهم كوالد يخشاه أبناؤه، أثبتوا على أنهم لا يخدعون إلا أنفسهم. والحقيقة أنه في النهاية لا يكون ثمة حب أو خوف من الديكتاتوريين.

وقريبا، إن لم يكن في وقت لاحق، ستظهر نفس الحقيقة في سوريا وإيران.

* من أبرز المعارضين الإيرانيين، وكان يرأس قسم الدراسات المعاصرة في مكتب الأبحاث الثقافية بطهران حتى إلقاء القبض عليه في أبريل 2006. أطلق سراحه في أغسطس من نفس العام ويعيش حاليا في المنفى داخل كندا حيث يدرس في جامعة تورونتو.

* خدمة «غلوبال فيوبوينت»