في «أمة» المسلمين.. هل هناك مساحة للأميركيين؟

TT

ما هي حالة الهوية الإسلامية والجماعية ضمن مجتمع المسلمين العالمي، المعروف أيضا بـ«الأمة»؟ وسواء كان ذلك في سياق مكافحة التطرف والخوف من الإسلام في الغرب أو التغيير الجذري في المجتمعات ذات الغالبية المسلمة، فإن دور هوية المسلم العالمية التي تقيد 1.4 مليار عضو من هذه الجماعة الدينية هو مركز هذه المناقشات. والبيانات متوفرة لاستخدام المسلمين الأميركيين كمجموعة توضيحية لاستكشاف وضع الهوية الإسلامية العالمية.

دراسة أجراها مؤخرا مركز غالوب أبوظبي عن رأي المسلمين الأميركيين طرحت عددا من الأسئلة على أعضاء من هذا المجتمع حول مدى تعاطفهم مع العناصر المختلفة الأخرى التي تشكل هوياتهم. وفيما يقول 69% من المسلمين الأميركيين إنهم يتعاطفون بشدة مع الولايات المتحدة، و65% يقولون إنهم يتعاطفون بشدة مع الإسلام فإن 37% من المسلمين الأميركيين يقولون إنهم يتعاطفون بشدة مع أولئك الذين يشاركونهم عقيدتهم في العالم.

وهذا يعني أن 37% من المسلمين الأميركيين يتعاطفون بشدة مع «الأمة». ورغم مثل هذه المستويات العالية من الإخلاص للولايات المتحدة، فإن المسلمين الأميركيين هم المجموعة الدينية الأكثر احتمالا لرؤية أعمال الولايات المتحدة بأنها تسبب وجهات نظر غير مستحبة لأميركا في البلاد ذات الأغلبية المسلمة، وبأنها معارضة لنشر المعلومات المضللة عن أميركا في تلك الدول. والمسلمون الأميركيون هم أيضا المجموعة الدينية الأكثر احتمالا للقول بأن الحرب العراقية كانت خطأ وللموافقة على أن قضية الفلسطينيين قابلة للحل الذي يقضي بوجود الدولتين (دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة إسرائيل).

وترسم البيانات صورة للمجتمع الذي قد يكون تحت وطأة التحدي والتمييز، إلا أنه واثق أيضا على المستوى نفسه بهوياته الإسلامية الأميركية. إضافة إلى ذلك فإن المجتمع يستخدم حريته للتعبير عن عدم موافقته أو معارضته للسياسات القادمة من واشنطن دي سي. إذن لماذا يكون لدى المسلمين الأميركيين مثل هذه المستويات المنخفضة من التعاطف بشدة مع المسلمين عالميا؟

والعالم العربي بصفته مهد الإسلام، قد حمل دائما شأنا اجتماعيا مهما في تطوير الهوية الإسلامية. وفيما يدخل الإقليم عهدا جديدا من التطور عقب ربيع الثورات، فإن الكثير من المعلقين يتحدثون عن دور الإسلام والمنظمات الإسلامية في مستقبل البلاد فيما بعد الثورة. وتتوالى المقالات والخطابات عبر البلاد كمصر مثلا حول دور منظمات كـ«الإخوان المسلمين» والحركات المتطرفة الأصولية الآيديولوجية مثل بعض الحركات السلفية تجاه الإسلام. مثل تلك الحوارات المدنية والمعزولة هي مهمة أحيانا بل أساسية، إلا أن هذه الحوارات لا تكفي، حيث إن هذا النوع من الرؤية المحلية الضيقة سوف يؤدي على الأرجح إلى ضياع الفرصة في البحث عن طريقة لإضرام شعلة الهوية الجماعية بين المسلمين عالميا من جديد. وفيما يتقدم العالم العربي من حيث تطور مجتمعاته، فإن مدنا كالقاهرة مثلا تبدأ المرور بتجربة دور القيادة المستعيدة لنشاطها بين المسلمين عالميا. ومن المهم رؤية ما إذا كان العهد الجديد من الانخراط مع مسلمي الغرب سوف يمر.

هناك الكثير من الجهود المشرفة الممولة من قبل رؤساء دول عربية ومدعومة بمساندة مالية كبيرة للمشاركة في الحوار بين الأديان عالميا. ومهما يكن فإنه ليس هناك جهد واحد لبناء جسور بين المسلمين في العالم العربي والمسلمين الأميركيين. ويمكن المجادلة بشدة بأن المسلمين الأميركيين يشكلون مجتمعا مهما لديهم من الموارد ما يكفي لتحفيز التقدم لدى المجتمعات ذات الغالبية المسلمة.

ويمكن أن تبدأ المشاركة مع أميركا على شكل شراكة مع المسلمين فيها. ويمكن أن يحث المسلمون الأميركيون على ولادة جديدة في هوية المجتمع الإسلامي العالمي (ليس من الضروري أن يكون روحيا)، ولكن يجب على الآخرين أن يشركوهم بذلك. إن الصورة المتغيرة للعالم العربي تقدم فرصة قيادية. والمسألة هنا تكمن فيما إذا كانت مثل تلك الجهود المبذولة تؤتي ثمارها وسط فوضى التغيير الحالية، وما إذا كان هناك شهية لمثل هذه الشراكة بين الجانبين.

* محلل اقتصادي في مركز «غالوب» بأبوظبي