اعتادت أن تبني العش!

TT

منذ الحرب العالمية الأولى حين مات سبعون مليون رجل.. قفزت المرأة لتعوض المجتمع عن السواعد التي فقدها.. فهي التي زرعت الأرض وحصدت.. وهي التي أدارت المصانع.. لقد أكدت وجودها.. وطالبت بأن تكون لها حقوق.. لقد تقرر نهائيا أن تعمل إلى جوار الرجل.. وتقرر نهائيا أن تتعلم لكي تواصل العمل.

وبعد الحرب العالمية الثانية التي مات فيها سبعون مليونا.. استأنفت المرأة مشاركتها في العمل والإنتاج وفي كل المواقع.. وكان من حقها أن تختار الذين يمثلونها في البرلمان وفي الحكومة. ولأنها أصبحت قوة اتجهت إليها كل المؤسسات والهيئات ووسائل الإعلام.. فازدادت المرأة قوة.. وازداد أي شيء كسبته مهما كانت التضحية.. والتضحية هي البيت والأولاد.

والبيت هو مصدر قوة المرأة.. ونقطة ضعفها أيضا.. فهي بالغريزة أم.. أي زوجة وعش.. وقد اعتادت ألوف السنين أن تبني العش وأن تحرسه من نزوات الرجل القوي دائما.. وأن تضحي هي من أجل أن تستمر الحياة.. في أولادها.. فترك الرجل لها البيت.. وتركها في البيت أيضا!

ولكن المرأة التي تساوي حقوقها وواجباتها مع الرجل أعلنت أن البيت شركة.. وأن الأولاد مناصفة.. أو أنهم «إنتاج مشترك».. ولا بد أن يساهم الزوج في الرعاية والحماية. وفي بلاد اسكندناوه يحصل الرجل على إجازة وضع لأنه يجب أن يكون إلى جوار زوجته يتلقى معها إنتاجهما المشترك.. وأن يقاسمها تغيير ملابسه وفراشه ومواعيد الدواء واللعب والمذاكرة.. تماما كما قاسمها الطهي والكي والكنس وغسل الملابس والملاعق.

وكان على المرأة بأعدادها المتزايدة أن تواجه وحدها حملات الرجال ضدها.. فعندما كثرت اضطرابات الشباب وانحرافاته وتطرفه في كل الدنيا.. كان التفسير الوحيد: أن أمه قد خرجت من البيت وتركته للخادمة.. فهي السبب.

وقديما قال الرجال: فتش عن المرأة وراء كل مصيبة.. وهي وراء مصيبة المصائب: انحراف الشباب.. فلو كانت الأم في البيت ما قامت الخادمات بدور الأمهات.. ولاعتدلت الموازين والمكاييل والمثل العليا عند الأطفال والشباب.. ولكن في غياب الأم اختفى البيت والدفء العائلي!