هيكل عندما (لا يهش ولا ينش)

TT

عندما هزمت الجيوش العربية، وعلى رأسها مصر، في حرب فلسطين عام 1948، كتب الأستاذ (محمد حسنين هيكل) في مجلة (آخر ساعة) بالعدد 825 في 16 أغسطس (آب) 1950، مقالا انتقاديا عنيفا يؤكد فيه أن لا خطة معدة هناك للدفاع عن مصر، وكان عنوان المقال هو: الرقص على البارود.

ولا أدري هل ما زال الأستاذ هيكل يذكر ذلك المقال، أم أن النسيان قد طواه، إذا كان قد نسيه أو تناساه فإنني سوف أذكره به بكل أريحية.

وقد جاء فيه تلخيصا أنه قال: لقد خسرنا معركة فلسطين منذ عامين والآن دعونا نقول الحقيقة كلها ونعلن الثورة والعصيان ضد سياسة: (هش... هش).

هش، لا تتكلم في هذا الموضوع لأنه خطير.

هش، لا تناقش تلك المسألة لأنها سر رهيب.

هش، لا تبحث ذلك الأمر لأن وراءه ما وراءه.

دعونا نتمرد على هذه السياسة ونقل لأصحابها: لقد أضعنا الوقت في الرقص على البارود.

وغدا قد تقع الواقعة، والجيش المصري غير مستعد نعم، ودعونا نقلها بصراحة ونقل لأنصار سياسة «هش هش»:

- هش أنتم، دعونا نواجه الحقائق، إننا نحن الذين سندفع دمنا يوم تقع الواقعة، ونحن على استعداد لأن نبذل أرواحنا مقاتلين، ولكننا نرفض أن نهدرها منتحرين!! انتهى كلام (الأستاذ).

والآن دعونا نحن نسأله سؤالا غير بريء: هل يا ترى حاول هو أن (يهش وينش) عندما حصلت (طامة المصائب الكبرى) في هزيمة (1967)؟! التي أطلق هو عليها (دلعا) مسمى (نكسة).

الجيش المصري في (48) احتفظ على الأقل ببعض أراض من فلسطين، ولم يخسر شبرا واحدا من سيناء، ومع ذلك (هششت) في وجهه، رغم ان الجيش المصري في 67 ومن كان وراءه وتسببوا بدفعه لتلك الكارثة، فخسر عندها كامل فلسطين، وكامل سيناء، ومعهما (كبقشيش) هضبة الجولان وقناة السويس، ومع ذلك (لم تهش ولم تنش).

واضطر معها الرئيس (عبد الناصر) ولأول مرة أن يقبل قرار (242)، ومبادرة (روجرز)، وكان بذلك أول زعيم عربي في التاريخ، قبل الرئيس السادات وقبل الملك حسين، يعترف بإسرائيل وبحدودها الثابتة والدائمة قبل 4 يونيو (حزيران)، لأن ذلك القرار وتلك المبادرة، ينصان صراحة، ومن دون أي مواربة، على الاعتراف والحدود، وهذا الاعتراف موثق في هيئة الأمم المتحدة.

فأين كان هشك؟ وأين كان نشك يا أستاذنا الشجاع الجليل من تلك الكارثة التي ما زالت تبعاتها وبقاياها ماثلة أمام عقولنا وأعيننا تفقؤها كل يوم؟!

يقولون: خير الكلام ما قل ودل، لهذا سوف أتوقف، مع أن إصبعي ما زال (يحكني) على نبش (البلاوي) وما أكثرها، وقد نعود لها يوما.

ولكني متأكد (وأبصم بالعشرة) يا عزيزنا هيكل أنك لا تنام قرير العين، لأنني أتعشم ان يكون لديك ضمير.

[email protected]