ولكنه حدث صغير وخطير!

TT

لا يكف الرجال في كل مكان وزمان عن القول بأن أعظم إنتاج تقوم به المرأة هو تنشئة وحماية مواطن صالح - أي طفل سليم وشاب قويم ورجل حكيم.

لكن هذه الاتهامات لم توقف المرأة عن المضي في قرارها: أن تخرج وأن تعمل تماما كالرجل.. فإذا كانت هناك جريمة فلماذا تقف هي وحدها وراء القضبان؟!

وكان شعارها: أن كل أصبع في يد تشير إليها باتهام.. يجب أن تنظر إليها مرة أخرى فسوف تجد أصبعا واحدا تشير إلى المرأة، وبقية الأصابع تشير إلى الرجل نفسه!

وفي سنة 1949 سئل عميد المؤرخين أرنولد توينبي عن أهم حدث وقع في هذه السنة؟

وكان جوابه: إنه حدث صغير ولكنه أعظم خطورة من كل ما حدث في تلك السنة.

أما هذا الحدث الخطير الصغير الذي التفت إليه توينبي فقد وقع في هدوء تام في مدينة نيويورك.. فقد طلب عدد من رؤساء الشركات إلى السكرتيرات أن يحضرن للعمل يوم السبت بأجر مضاعف، فرفضن.

فعاود رؤساء الشركات بإغرائهن بالإجازات على نفقة المؤسسات وبتذاكر الطائرات.. ولكن السكرتيرات رفضن أي مبلغ من المال.. وفضلن أن يقمن بالإجازة والراحة والنزهة مهما كانت المكافأة!

هذا هو الحدث.. ومعناه أن المرأة العاملة بعد أن استقر وضعها.. وبعد أن عملت وتعبت قررت أيضا أن تستمتع بهذا الحق وأن تقاوم كل محاولات الرجال في الدوران حولها، وسرقة هذا الحق منها، يوما بعد يوم.

ومعنى ذلك أيضا: أن المرأة عندما يخيرونها بين الفلوس وراحتها، فإنها تختار الراحة. أو بين حريتها والفلوس، فإنها تختار حريتها.. ولو لم تفعل بهذه الحرية شيئا.. بل إن بعض السكرتيرات كن يذهبن في يوم الإجازة إلى المكاتب يقرأن الصحف ويشربن القهوة.. ولا يستجبن لنداءات الرؤساء.. إنهن في إجازة يفعلن ما يروق لهن.. ولو كان الذي يروق لهن هو إغاظة الرؤساء واحتقار فلوسهم!

ومعنى ذلك: حاجة الرجال إلى المرأة.. وعجز الرجال عن الاستغناء عنها.

ومعنى ذلك أيضا: أن الرجل مهما كان قويا.. فليس قويا جدا.. وأن المرأة مهما كانت ضعيفة.. فليست ضعيفة جدا!