نهاية دولة ميكي ماوس في ليبيا

TT

ليبيا من الدول التي تتقابل فيها ثقافتان بصورة واضحة. هل تتذكر الملحوظات الافتتاحية لتروتسكي في «الثورة الروسية عام 1917»؟ إنها مثل هذا: «الهمج يلقون أقواسهم وسهامهم مرة وحدة من أجل الرشاشات، من دون المرور على الطريق الذي يقع بين هذين السلاحين في الماضي». عندما أفكر في الزعيم المخلوع بدولة ميكي ماوس في ليبيا، أفكر في هذا التعبير عن الثقافات و/ أو أنماط الإنتاج. يوجد نوعان من الدول في العالم؛ دول متكاملة ودول مفصلية في النظام الاقتصادي العالمي. وتنتمي ليبيا إلى المجموعة الثانية. وتوجد الكثير من الدول في منطقتنا ضمن الطائفة الثانية. وعلى الجانب الآخر تنتمي تركيا إلى المجموعة الأولى. ويجعل ذلك من تركيا الدولة الوحيدة في منطقتنا، غير إسرائيل، المتكاملة بصورة جيدة في شبكات اجتماعية وسياسية واقتصادية عالمية مهمة لحضارتنا. وعلى عكس إسرائيل، يمكن لتركيا أن تشارك بصورة مباشرة في التدخل في عملية التنمية بدول أخرى. ليس من خلال جيوش تضم جنودا، ولكن من خلال جيش من رجال الأعمال. الحياة تتغير.

المشروع العالمي الأكثر أهمية في القرن العشرين كان إدماج الصين في الشبكة الاقتصادية العالمية. ويبدو أن الوقت قد حان لدمج الجغرافية الإسلامية في النظام الاقتصادي العالمي خلال القرن الحادي والعشرين. وهذه هي الطريقة التي أنظر بها للربيع العربي حاليا. لقد بدأ الأمر بتونس ومصر وأطاح بالحكومتين هناك بسهولة نسبية. ولا تعتبر تونس ومصر دولتين مفصليتين بقدر ما هما مندمجتان في النظام الاقتصادي العالمي. وتوجد بعض الهيكلة المؤسساتية الحديثة الأساسية لإدارة العملية الانتقالية. ولكن ليس هذا الوضع داخل ليبيا واليمن، حيث إنهما تمثلان دولتين مفصليتين أكثر منهما مندمجتين. ما الذي يعنيه نهاية دولة ميكي ماوس في ليبيا لمشروع الاندماج؟ يجب أن تكون هذه بداية جديدة لإصلاح العلاقة المفقودة ولجلب إصلاحات سياسية للتواصل الحر للمشاركين في السوق. كان معمر القذافي يمنع هذا لضمان سيطرته شخصيا على مقاليد الحكم لـ42 عاما مضت.

إن قلة الاندماج ولعب دور مفصلي يعني علاقة مفقودة في عملية التحديث. والعلاقة المفقودة لها علاقة بمستوى تنمية الطبقة المتوسطة. وتعني الطبقة المتوسطة مَن يبرهنون على نجاحاتهم في سوق العمل كل يوم. الطبقة الوسطى ليست مرتبطة بأبناء وأصدقاء حسني مبارك في مصر، ولكن رجال الأعمال غير المعروفة أسماؤهم يشقون طريقهم عبر تواصل حر داخل سوق العمل. إن غياب إصلاحات سياسية وضوابط على الأسعار في كل مكان يمثل عائقا للتنمية في قطاع الأعمال. وقد جعلت الإصلاحات السياسية عام 1980 في تركيا الدولة تلعب دورا محوريا في اندماج منطقتنا في النظام الاقتصادي العالمي.

وقد كان العقيد القذافي يترأس دولة يعتقد تلميذ المدرسة فيها أن الرتبة الأعلى في الجيش هي العقيد؟ شيء مضحك.. لم يكن هذا شيئا مضحكا مطلقا قبل فترة وجيزة في دولة ميكي ماوس داخل ليبيا. وقد كانت تركيا مثل هذا قبل بعض الوقت. كان هناك هذا اليقين الآيديولوجي القوي بأنه «لا يوجد أكراد يعيشون على الأرض»! وبدأ ذلك يتبخر بانفتاح الدولة، مع ازدياد الثروات التي جاء به الانفتاح. لدينا الآن مشكلة تعود إلى القرن التاسع عشر علينا التعامل معها في القرن الحادي والعشرين. هذا ما تحولت إليه القضية الكردية حاليا.

اللحظات السابقة لإرث الإمبراطورية العثمانية الأخير ما زالت تطاردنا. وعلى الجانب الآخر، تعد تركيا في وضع أفضل يمكّنها من التعامل مع هذا الإرث مقارنة مع ما كانت عليه قبل 10 أعوام.

* بالاتفاق مع صحيفة

«حرييت ديلي نيوز» التركية