تحذير المستثمرين من «فقاعة الذهب»

TT

قد ترتفع أسعار الذهب مرة أخرى، لكن المستشارين الاستثماريين والمنظمين يحذرون المستثمرين من استثمار الكثير من أموالهم في الذهب. ونتيجة للتقلبات في أسواق الأوراق المالية، هبوطا وصعودا يوما بعد الآخر، اتجه المستثمرون إلى الذهب، لكن هل أدى ما يراه المستثمرون استثمارا آمنا إلى حدوث فقاعة؟

يقول مصرف ويلز فارجو الخاص، الذي يدير أموال العملاء الأثرياء: «إنكم تراهنون على سبائك الذهب الخاصة بكم». وكتب فريق الاستثمار بالمصرف في تقرير عن السوق في 15 أغسطس (آب): «نعتقد أننا وصلنا إلى النقطة التي يمكننا فيها أن نؤكد، بكل بثقة، أن الاستثمار في الذهب قد وصل إلى مستوى فقاعة المضاربة. ويجب على المستثمرين الحكماء أن يكونوا حذرين جدا من الاستثمار بشكل كبير في هذا المعدن الثمين».

وأكد التقرير أن أسعار الذهب يمكن أن تهبط بسرعة ومن دون سابق إنذار، فخلال فترة لا تتجاوز 6 أشهر في عام 2008 خسر الذهب أكثر من 30% من قيمته. وفي الثمانينات من القرن الماضي، انخفض السعر بنحو 65% خلال عامين.

وبعد أسبوع من التقرير الصادر عن مصرف فارجو، أصدرت وكالة بلومبرغ تقريرا يقول: «انخفض الذهب في نيويورك، متجها نحو أكبر انخفاض منذ 18 شهرا وسط تكهنات بأن الأسواق المالية قد تستقر، وهو ما سيؤدي إلى تآكل جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن».

وانخفض سعر الذهب بأكثر من 5% خلال يومين من التداول الأسبوع الماضي. وقد أدى هذا الانخفاض إلى تلاشي المكاسب التي رفعت سعر الذهب بمقدار 16% ليصل لمستوى قياسي بلغ 1.917.90 دولار للأوقية (الأونصة) يوم 23 أغسطس، وفقا لبلومبرغ.

وفي مقابلة شخصية معه، قال إريك ديفيدسون، نائب مدير الاستثمار بمصرف ويلز فارجو الخاص: «إننا نشهد بالضبط السلوك نفسه في ذروة فقاعة التكنولوجيا وفقاعة الإسكان وفقاعة مؤشر نيكي الياباني. يجب أن يعلم المستثمرون أن الذهب ليس حلا سحريا. يريد الناس أن يصدقوا أن هناك شيئا مؤكدا، ولا يوجد هناك شيء مؤكد مثل هذا».

وأضاف ديفيدسون أنه على عكس الاستثمار في الأسهم التي تدفع أرباحا أو في العقارات، حيث يمكنك جمع الإيجار، لا يتمتع الذهب بقوة أرباح كامنة. ويجب على المستثمرين الانتظار حتى يأتي شخص آخر ويدفع أكثر مما دفعوه، وهو ما وصفه ديفيدسون بأنه «أكبر نظرية خداع»، مشيرا إلى أنه عندما وصل الذهب إلى 850 دولارا للأوقية (الأونصة) في يناير (كانون الثاني) من عام 1980، استغرق الأمر 28 عاما وبالتحديد في يناير (كانون الثاني) 2008 حتى يصل المستثمرون الذين اشتروا الذهب في أعلى مستوياته إلى نقطة التعادل من دون مكسب أو خسارة.

وفي الأسبوع الماضي، أصدرت كل من رابطة مسؤولي الأوراق المالية في أميركا الشمالية والهيئة التنظيمية للقطاع المالي تحذيرات قوية للمستثمرين بالحذر من عمليات الاحتيال المتعلقة بالذهب. وقد استحوذت عمليات الاحتيال التي تنطوي على الذهب والمعادن النفيسة الأخرى على أعلى 10 قوائم تصدرها الرابطة بشأن المنتجات والممارسات المالية التي تستفيد من المستثمرين.

وقال ديفيد ماسي، وهو الرئيس التنفيذي لرابطة مسؤولي الأوراق المالية في أميركا الشمالية: «تذهب كثير من الأموال للذهب؛ لأن الناس يخشون من طرق الاستثمار الأخرى». وقالت جيري وولش، نائبة رئيس الهيئة التنظيمية للقطاع المالي لتعليم المستثمر: «كنا نشهد تزايد عمليات الاحتيال المرتبطة بالذهب. ما يحدث في كثير من الأحيان هو أن يركز المحتالون على ما ينشر في الأخبار».

وهناك عملية احتيال نموذجية تتلخص في قيام المحتال بخداع المستثمر لكي يدفع الأموال لشراء المعدات اللازمة لإعادة فتح منجم. ويعد المحتال بإعادة الأموال للمستثمر مضافة إليها الفائدة وحصة في المنجم. وهناك عملية احتيال أخرى يطمئن فيها المحتالون المستثمرين على أن لديهم عملات ذهبية أو كميات من الذهب الخام الذي يمكن تخزينه أو التجارة به بأمان مع وعد بزيادة الأرباح.

وخلال الشهر الحالي، اعترف مؤسس بورصة السبائك العالمية التي تتخذ من فلوريدا مقرا لها بأنه مذنب في اتهامات بالاحتيال على أكثر من 1.4000 مستثمر خسروا 29.5 مليون دولار، وفقا للهيئة التنظيمية للقطاع المالي. وكان يتم خداع المستثمرين بأنهم يقومون بشراء حصة في سبائك المعادن الثمينة، ويصر المحققون على أنه لم يتم شراء أي سبيكة في أي وقت مضى.

وقالت وولش: إنه يتعين على المستثمرين توخي الحذر إزاء المزاعم التي تربط بين أسهم إحدى شركات الذهب وارتفاع أسعار الذهب وإزاء تكتيكات التخويف من أن الذهب هو الرهان الأكثر أمانا ضد التضخم أو الانهيار الاقتصادي في الولايات المتحدة أو في أوروبا.

وقال ديفيدسون: إن أسعار الذهب قد ارتفعت بسبب الخوف من حدوث كارثة اقتصادية. وأضاف أنه يتعين على المستثمرين الحد من حماسهم؛ لأن أسعار الذهب لن تستمر في الصعود إلى الأبد. وقال ديفيدسون: «نحن لا نوصي بتقليل الاستثمار في الذهب إلى الصفر، لكن بالتأكيد ليس هذا هو وقت ركوب الموجة».

* خدمة «واشنطن بوست»