ضربة موجعة لتنظيم القاعدة

TT

ربما يبدو مقتل عطية عبد الرحمن في الثاني والعشرين من أغسطس (آب) الحالي باستخدام طائرة من دون طيار داخل باكستان على أنه مجرد عملية اغتيال أخرى ضمن سلسلة عمليات الاغتيال التي تستهدف قادة العمليات بتنظيم القاعدة. ولكنها كانت ضربة مهمة لقلب التنظيم الذي كان يحيط يوما بأسامة بن لادن.

لقد كان عبد الرحمن حلقة الوصل بين بن لادن والعالم الخارجي. وقد كان تواصلهما الجائزة الأكثر أهمية التي عُثر عليها من مجمع بن لادن عندما قتل في الثاني من مايو (أيار) الماضي. لقد تحدثا عن كل شيء: الاستراتيجية والأفراد والعمليات والإخفاقات السياسية. وكان أي خيط لا يزال يربط تنظيم القاعدة يمرر من بن لادن عبر عبد الرحمن.

إن مقتل عبد الرحمن، الذي ولد في ليبيا، يحد من قدرة تنظيم القاعدة على تنفيذ هجمات كبرى جديدة ضد الولايات المتحدة، كما أنه يجعل القيادة العليا للتنظيم أقرب إلى الانقراض، بل ويزيد ذلك من احتمالية تحول مركز الجاذبية في التنظيم من منطقة القبائل الباكستانية إلى إحدى المناطق الأخرى التابعة، مثل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، داخل اليمن.

وعندما طُلب من مسؤول أميركي بارز أن يذكر اسم الزعيم الأكثر أهمية الباقي في تنظيم القاعدة، ذكر اسم عبد الرحمن. وأوضح أن الخليفة المسمى لابن لادن، أيمن الظواهري، كان بالفعل شخصية ثانوية - حيث يبدو كأنه زعيم للجناح المصري للتنظيم أكثر منه زعيما لتنظيم القاعدة بالكامل. وقال المسؤول إنه سيكون من مصلحة أميركا أن يتولى الظواهري وليس عبد الرحمن قيادة التنظيم لأن الظواهري شخصية مثيرة للخلاف وأساليبه أقل خطورة بالنسبة إلى أميركا.

ومن بين المواضيع التي نوقشت أكثر من مرة بين عبد الرحمن وبن لادن هو ما إذا كانت الوسائل العنيفة المستخدمة من جانب تنظيم القاعدة تعزل مسلمين في الدول التي يعمل فيها التنظيم. وأدى ذلك إلى رسالة خطية تعود لعام 2005 من عبد الرحمن إلى أبو مصعب الزرقاوي، زعيم تنظيم القاعدة في العراق، توبخه لأنه استهدف مسلمين شيعة في حملة الأرض المحروقة التي اعتمدها داخل العراق ضد أميركا وحلفائها. وفي الأعوام الأخيرة ناقش الاثنان خطر السعي من أجل «خلافة» إسلامية في مناطق يبدو تنظيم القاعدة فيها قويا، حيث إن هذه الخطوة المتطرفة ستعزل مسلمين آخرين. وقدروا أنه من الأفضل الاستمرار في الهجوم على أميركا.

ويحظى مقتل عبد الرحمن بأهمية خاصة مع اقتراب الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) ضد الولايات المتحدة - ولا يعود ذلك لأسباب رمزية وحسب. لقد كان بن لادن يعمل مع عبد الرحمن للتخطيط لضربة قوية ضد هدف أميركي في ذكرى هجمات الحادي عشر من سبتمبر. وليس واضحا مدى التقدم الحادث في هذا التخطيط، ولكن بغض النظر عن المستوى، فإنه سيتم إعاقته وربما تقويضه بمقتل الرجل الذي كلفه بن لادن بالتخطيط لتفاصيل المؤامرة.

وليس واضحا كيف استطاعت وكالة الاستخبارات المركزية استهداف عبد الرحمن في هجوم الثاني والعشرين من أغسطس بشمال وزيرستان أو كيف أنه أبقى على إقامته هناك. ويقول المسؤول الأميركي البارز إن كمية المواد المأخوذة من مجمع بن لادن السكني في أبوت آباد في مايو لم تضمن الكثير من المعلومات الذي يمكن أن يساعد على تحديد مواقع عناصر ميدانية، كما أنه من المفترض أن عبد الرحمن أدرك أن أي شيء يكشف أماكن تردده أصبح معرضا للخطر. ولا يرغب مسؤولون أميركيون في الحديث عن الاستهداف وتفاصيل أخرى مرتبطة بالعملية.

لقد قتل عبد الرحمن في هجوم بطائرة «بريداتور» من دون طيار، وهو السلاح الذي اشتكى منه بن لادن وعبد الرحمن كثيرا في محادثاتهما. وقال عبد الرحمن لزعيمه إن هذه «الحرب الاستخباراتية» الأميركية، كما كان يصفها بن لادن، جعلت من المستحيل على تنظيم القاعدة التحرك والتواصل وتجنيد العناصر وتدريبها في منطقة القبائل الباكستانية. وتحدثا عما إذا كان يفضل أن ينقل تنظيم القاعدة مقره إلى مكان أكثر أمنا. ويبدو أن تغيير المكان أصبح أكثر احتمالية بعد أن مات الرجل الذي ثبت وجود التنظيم داخل باكستان.

* خدمة «واشنطن بوست»