قصور أفراح (الطلاق)

TT

جاء في الأخبار أنه مع ارتفاع معدل الطلاق في اليابان يختار بعض الأزواج الاحتفال بنهاية زواج غير سعيد خلال حفل طلاق أمام الأصدقاء والعائلة.

وابتكر حفلات الطلاق قبل عام موظف المبيعات السابق هيروكي تيراي الذي أنشأ «قصرا للطلاق» في مكان صغير في طوكيو.

ومنذ ذلك الوقت دفع نحو 25 رجلا وامرأة 55 ألف ين (606 دولارات) لكل منهم لإقامة حفل بكل أبهة وفخامة حفلات الزواج لإعلان انتهاء علاقاتهم قبل أن يتقدموا رسميا بطلب الطلاق. وقال تيراي إنه تلقى أكثر من 900 طلب.

المؤكد أنه سبق أهل اليابان في هذا النوع من الاحتفالات بعض أهل الخليج عندنا، فأصبح شائعا وطبيعيا أن تحتفل بعض المطلقات من النساء - تحديدا - فتقيم الواحدة منهن، بعد أن تفك من الأسر، حفلا صاخبا أين منه احتفال يوم العرس، تدعو فيه جميع صديقاتها وتقضي ليلتها معهن إلى أن يطلع الصباح بالرقص والغناء والفرفشة، وتتلقى خلال ذلك التهاني والهدايا، وهي خلال ذلك تقول لكل متزوجة: عقبى لك يا أختي.

هذه ظاهرة أصبحت للأسف شبه متفشية بين النساء، وقد أجد بعض العذر لبعض النساء اللواتي تجرعن المر من أزواجهن المرضى أو المجانين الذين يتلذذون بتعذيب وظلم زوجاتهم من دون وجه حق، إلى درجة أنهم يمتهنون كراماتهن، مثلما يمتهن الأسياد أرقاءهم، وإنني أضع بكل أمانة (90%) من فشل الزيجات على الرجال.

قد أجد العذر لبعض هؤلاء النساء، عندما يقمن مثل هذه الاحتفالات، ولكن ماذا أقول عن رجل دعاني لوليمة في منزله لأول مرة في حياته؟! وعندما ذهبت عرفت من الحاضرين أن تلك الوليمة إنما أقامها هو بمناسبة طلاقه من زوجته أم عياله.

الواقع أنني صدمت ولو أنني كنت أعرف مقدما سبب المناسبة لما كنت قد عتبت باب منزله.

المهم أنني أخذت مكاني مذهولا مما أشاهده؛ فقد كان الرجل المطلق منفلتا مثلما يقولون (على حل شعره)، انتفى الوقار منه تماما، إلى درجة أنه قد رمى بشماغه وعقاله وطاقيته، وفتح أزارير ثوبه، وأخذ يحزم وسطه ويرقص ويتغنج بشعره المنكوش الذي يشبه شوك القنفذ، وعندما شاهدني ساكتا ومبلما، ما كان منه إلا أن يتجه نحوي يريد أن يقبلني ويشكرني على حضوري، فدفعته بلطف لكي يبتعد عني، وإذا به يمسك بي من ذراعي ويوقفني مرغما، وأخذ يلف ويدور بي لأشاركه برقصة (الخطوة) على حد تعبيره، ثم تناول عصا ومدها لي لكي أشاركه برقصة (المزمار)، فقلت بيني وبين نفسي: هذا هو اللي ناقص.

ومما أحزنني حقيقة هو مشاهدتي لابنه منكسر الخاطر، وهو يوزع حلاوة (طلاق) أمه على الحضور، وعندما وصل نحوي ليقدم لي الحلاوة، امتنعت من أخذها وقلت له: اعذرني، إن أباك سحبني مرغما للرقص معه، ولكن شد حيلك يا ابني ولا يهمك. تبسم الولد لأول مرة قائلا لي: شكرا، شكرا يا عمي، هذه أحسن كلمة سمعتها هذه الليلة. بعدها خرجت من منزل الفرح دون استئذان، وما زالت صورة الرجل الطليق عالقة بذهني، وهو يحجل كالسعدان على قدم واحدة من شدة الفرحة والحبور.

[email protected]