المدير اللحوح ينجز أكثر!

TT

حاول باحثان غربيان معرفة هل فعلا المدير الذي يلح على موظفيه باستمرار ينجح في دفعهم إلى الإنجاز أكثر وأسرع من غيرهم أم لا، فتوصلا إلى نتيجة مفادها، أن المدير الذي يذكر موظفيه بضع مرات يفلح في دفعهم إلى إنجاز ما طلب منهم وفي وقت أقصر من غيرهم.

وتبدد هذه الدراسة الاعتقاد الشائع لدى البعض من أن المدير «الملحاح» هو مشكلة بحد ذاته، فقد توصل الباحثان، بعد تسجيل نحو 250 ساعة من رسائل التواصل المكتوبة والشفهية التي شارك بها المديرون، إلى أن المدير اللحوح ينجز المشاريع والمهمات المطلوبة بصورة أسرع وأكثر فعالية.

ولاحظ الباحثان، في دراستهما التي نشرتها مجلة «هارفارد بيزنس ريفيو»، أن المديرين الذين ليست لديهم سلطة رسمية بالهيكل التنظيمي على مرؤوسيهم يكونون أكثر إلحاحا من نظرائهم المديرين الرسميين، ولكنهم في النهاية أكثر إنتاجية من الرسميين. وأشارت الباحثة سيدال نيلي، أستاذة وحدة السلوك التنظيمي في كلية هارفارد للأعمال التابعة لجامعة هارفارد، إلى أن المديرين الرسميين لا يقومون بتذكير العاملين معهم كما ينبغي، ولذا فالعاملون معهم يتأخرون في الإنجاز مقارنة بالمديرين غير الرسميين.

صحيح أن الذكرى تنفع الموظفين، لكن هذا لا يعني أن يركن الموظف إلى رسائل مديره التذكيرية، أو نداءات من يتعامل معهم من جهات خارجية، فكثرة التذكير تعطي انطباعا سلبيا، خصوصا إذا أصبح تذكير المدير للموظف لا يشعر الأخير بأدنى حرج. وبصورة عامة، الموظف الذي يحاول جهده أن ينجز بصورة أسرع هو في الحقيقة يبني سمعة له في العمل. فالموظف الذي لا يتحرك إلا بتذكير لفظي أو مكتوب، ولا يستخدم نظاما آليا أو ورقيا لتذكير نفسه، يؤدي إلى نفور الناس من التعامل معه، خصوصا إذا لم يكن هنا تبرير منطقي للتأخير.

أما أنت عزيزي المدير، فلا تأخذ المسألة بصورة شخصية حينما تضطر إلى تذكير من تعمل معهم داخل المنظمة أو خارجها، لأن التذكير بصورة متكررة هو جزء أساسي من أبجديات التعامل مع الناس، ممن لديهم مشاغل كثيرة ومتزايدة، خصوصا إذا ما كان الطاقم العامل غير كاف لإتمام العمل في غضون الوقت المطلوب.

ومن الطرق التي يمكن أن تحل مشكلة الإلحاح، التي تشكل إزعاجا أو إرباكا لبعض الموظفين، أن يحدد المدير الموعد الذي يرغب أن يتسلم فيه المشروع أو المهمة المطلوبة، حتى يرتب الموظف أولوياته ويتابع المدير شؤونا أخرى حري به أن ينجزها بدلا من أن يمطر العاملين معه برسائل الاستعجال لمشاريع ما زالت أصلا في حدود المدة الزمنية المتوقعة للإنجاز.

أما إذا لم ينجز الموظف المطلوب منه فهناك طرق كثيرة لضبط سلوكه، منها تصعيد اللهجة، شفاهة أو كتابة، أو أن يأتي المسؤول إلى مكتب الموظف ليستعجله. أما إذا كان الموظف يتجاهل الرسائل فيمكن إخطار من هم أعلى منه في السلم الوظيفي، وهنا تبرز أهمية عدم الاعتماد على التعامل مع شخص واحد فقط، وتحديدا عند التعامل مع جهات خارجية حتى لا نكون أسيري ردوده أو مزاجه.

بصورة عامة يبقى التذكير وتكرار الرسائل السابقة أمرا صحيا في العمل، ولكن يجب أن لا ينتظر ذلك الموظف، لأن كثرة التذكير تدل أحيانا على أنك لا تؤدي مهامك بالصورة المطلوبة.

[email protected]