الأركيلة.. تحذيرات من توسع انتشارها العالمي

TT

* رغم ضررها الأكبر من التدخين

* تصب نتائج الدراسات العلمية حول التدخين بالأركلية (Hookah) كلها في خانة القول بأنها أكثر ضررا من تدخين السجائر. وتفاجئنا نتائج دراسات المسح الإحصائي في المناطق التي لم تعهد من قبل استخدامها للتدخين باستمرار في توصلها إلى ملاحظة مزيد من توسع انتشار استخدام شباب الجامعات للتدخين بها. وإحدى آخر الدراسات في هذا الشأن صدرت ضمن عدد 18 أغسطس (آب) الماضي من المجلة الأميركية للصحة العامة (American Journal of Public Health). وأظهرت نتائج الدراسة أن ارتفاعا بنسبة 40% لاستخدام الأركيلة بولاية كاليفورنيا حصل بين عامي 2005 و2008.

واللافت للنظر في هذه الدراسة ليس مجرد ملاحظة ارتفاع استخدامها للتدخين من قبل طلاب الجامعات الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، فهذه الملاحظة أثبتتها في الولايات المتحدة عدة دراسات خلال العامين الماضيين، بل الجديد كما قال الباحثون من جامعة كاليفورنيا هو ارتفاع شعبية الأركيلة في الولاية الأميركية التي تصنف بأنها قائدة ولايات الأمة الأميركية في السيطرة على التدخين. الدكتور وائل الدليمي، الأستاذ المشارك ورئيس شعبة الصحة العالمية في قسم طب الأسرة والوقاية بكلية الطب بجامعة كاليفورنيا، شارك في إعداد الدراسة، وعلق بالقول بأن «هذا الارتفاع بالذات هو إنذار بالخطر، لأنه يحصل في ولاية كاليفورنيا التي تقود الجهود الرامية إلى السيطرة على انتشار التدخين. وفي حين انخفض تدخين السجائر في الولايات المتحدة كلها وفي كاليفورنيا تحديدا، تأتي التقارير لتقول بأن هناك ارتفاعا في التدخين بالأركيلة بين من لم يستخدموها من قبل، وخصوصا المراهقين وصغار الشباب». وأضاف ذكر الجانب المهم، وهو أن «ثمة انطباعا بأن الأركيلة أكثر أمانا من السجائر، وهذا غير صحيح». ويبدي الوسط الطبي العالمي اليوم اهتماما جادا بشأن انتشار التدخين بالأركيلة، وبشكل لم يسبق له مثيل على الرغم من أن عمر الأركيلة يفوق 500 عام. وفي هذا صدرت خلال الـ150 سنة الماضية 74 دراسة طبية عن الأركيلة وأضرارها الصحية. ودليل الاهتمام خلال السنوات القليلة الماضية بالذات أن 31 دراسة من هذه الدراسات الـ74 قد صدرت خلال عام 2010 وعام 2011 فقط.

الأوساط الطبية في الولايات المتحدة مدهوشة من سرعة انتشار استخدامها في التدخين، وخصوصا في أوساط الشباب الأميركي. والملاحظ أن خلال ما مضى من هذا العام 2011 صدرت 12 دراسة طبية أميركية تتناول موضوع تدخين الأركيلة بالولايات المتحدة وحدها، أي ليس في المناطق التقليدية لتدخينها، مثل الشرق الأوسط وتركيا وإيران والهند، كما كان تقرير الرابطة الأميركية للأمراض الصدرية في عام 2007 قد ذكر أن عدد مقاهي الأركيلة في الولايات المتحدة بلغ 300 مقهى، بينما لاحظ الباحثون من جامعة فلوريدا في تقريرهم في مارس (آذار) 2011 أن عدد مقاهي الأركيلة في أحد أجزاء ولاية فلوريد فقط، بلغ 173 مقهى، وليس في كل ولاية فلوريدا. ناهيك بالعدد الفعلي في كل الولايات الأخرى.

الأركيلة اليوم مشكلة عالمية، والمغالطة الكبرى هي الوهم الشائع بأن التدخين بالأركيلة هو أقل ضررا من تدخين السجائر. والحقيقة التي صرحت بها تقارير منظمة الصحة العالمية وكثير من الهيئات الصحية الأخرى بالولايات المتحدة وأوروبا تقول صراحة وبناء على دراسات علمية إن الأركيلة هي الأشد ضررا مقارنة بالسجائر، هذا على الرغم من أن كليهما ضار بالصحة.

وكان تقرير منظمة الصحة العالمية عام 2005 حول الأركيلة قد لاحظ أن الارتفاع العالمي في التدخين بالأركيلة سببه الأهم هو الاعتقاد بأنها أقل ضررا من السجائر. وذكر التقرير دواعي عدم صحة هذا وبيان الأضرار الأكبر للأركيلة. وأشار إلى حقيقة مهمة وهي أن تدخين المعسل بالأركيلة لمدة ساعة يعني دخول الرئتين كمية من الدخان تُعادل تلك الصادرة عن تدخين 200 سيجارة، وأن مرور دخان الأركيلة بالماء خلال التدخين بها لا يُزيل المواد الضارة. وإضافة إلى الكمية الكبرى من الدخان التي تدخل الرئة بالأركيلة، وإضافة أيضا إلى أضرار انتقال الميكروبات عبر تكرار استخدام الأركيلة من قبل عدة أشخاص في المقاهي العامة، فإن ثمة نقطتين مهمتين أخريين في مقارنة أضرار الأركيلة مع السجائر، وهما:

أولا: في الأركيلة يستخدم المعسل، وهو مكون من فتات أوراق التبغ المتخمرة والمكبوسة لفترات، ما ينتج عنه نمو الفطريات التي تحمل الكثير من المواد الكيميائية التي لم تكن أصلا موجودة في أوراق التبغ الطازجة. ويضاف إليه مزيج من الغليسرين ودبس قصب السكر وعصارات صناعية أو طبيعية للفواكه المتخمرة بداعي إعطاء نكهات مختلف أنواع الفواكه، إضافة إلى أنواع شتى من المواد الكيميائية الصناعية كصبغات لتلوين مزيج المعسل. ودخان كل هذه الإضافات، مع التبغ، يستنشقه مدخن الأركيلة ولا يستنشقه مدخن السجائر.

ثانيا: في النارجيلة توضع قطع من الفحم الطبيعي أو الصناعي لتنشيط واستمرار احتراق قطعة المعسل. وهذا الفحم يحترق هو الآخر طوال الوقت. ويحمل الفحم في مكوناته مواد كيميائية سامة ومعادن ثقيلة وكميات كبيرة من غاز أول أكسيد الكربون. ومدخن الأركيلة يستنشق كل ما ينتج عن احتراق الفحم، وخصوصا أضرار الفحم الصناعي والأبخرة الناجمة عن تسخين رقائق الألمنيوم المغلفة لرأس المعسل.

استشاري باطنية وقلب

مركز الأمير سلطان للقلب في الرياض

[email protected]