عندما حسدت الشيخ سلمان العودة

TT

الشيخ الجليل الدكتور (سلمان العودة) حضر وشارك بمؤتمر طريف على (الفيس بوك) وحسب قوله فاسم ذلك المجلس هو (مؤتمر الحب)، وكان عدد المشاركين الفعليين ستمائة وثلاثة وتسعين، والحضور ضعف هذا العدد، أما النوعية فهم شباب من كافة الفئات العمرية، ما بين الأربع عشرة سنة إلى السبعين، أما النوعية فالإناث بنسبة غالبة، وذكور بنسبة مقاربة، وجميعهم تشكيلة عولمية من جميع الأقطار، افتتحه هذا السؤال عندما قالت لي إحداهن: أحببت شخصا في العمل، وتعلق قلبي؟

فأجبتها: اسألي عقلك، ولا تستسلمي لقلبك.

لا أكذب عليكم أنني حسدت الشيخ سلمان من أعماق قلبي على تمتعه بحضور ذلك المؤتمر الحيوي، ولو أنه كان أمامي الآن لأكلته بالشوكة والسكين، مع قليل من (الكاتشب والتباسكو)، ثم أعصر عليه ليمونة كاملة، لأنه كيف يفوت على من هو مثلي هذا المؤتمر وأنا (ابن جلا وطلاع الثنايا)، ولكنْ هناك احتمال أني سوف أموت (بحسرتي).

الشاهد أن الشيخ سلمان يؤكد أن «الحب» ليس عيبا ولا حراما، إنما الحرام الغدر والفحش والإثم والخداع باسم الحب، أو التنكر للفطرة السوية، وحمل الناس على تجاهلها ودفنها.

الحب الصافي كان يظلل بيت النبوة، حتى في أحلك الظروف وأشرس التحديات، وطالما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «والله إنني لأحبك وأحب قربك»، أو وقف لها أمام الناس، لتشهد الحبشة وهم يلعبون بالحراب في المسجد، وهي تتكئ عليه في دلال، وتريد أن تتحدث نساء المدينة عن مكانتها عند رسول الله.

الواقع أنني بعد أن قرأت هذا الكلام اطمأن و(ارجهن) قلبي الأخضر الفاقع، وعدت ركضا أبحث في أقوال الإمام العلامة (ابن حزم الأندلسي) الذي ذكر في قاموسه للحب، إشارات لا تخطئها ملاحظة الفهيم، ومن ذلك إشارات العين للفتاة العاشقة الولهانة والمرتبكة ومنها: الإشارة بمؤخر العين معناها (لا)! النظرة الدائمة المستقيمة معناها (إني آسفة)! النظرة المنكسرة مع إرخاء الجفون معناها (إني سعيدة)! النظرة السريعة بجانب العين معناها (احذر هناك خطر)! الإشارة الخفيفة بمؤخر العين معناها (هل أنتظرك غدا؟)! النظرة السريعة إلى أعلى معناها (ليس مناسبا)! النظرة المهتزة السريعة معناها (لا تقترب مني)!

ومن (تياستي) المعهودة أنني في يوم من الأيام كنت أتسكع في أحد (المولات) ولا على بالي، وفجأة لاحظت أن إحدى النساء تنظر إلي بعين منكسرة، وجفن مرتخ، فتذكرت على الفور إشارات الإمام ابن حزم التي أحفظها عن ظهر قلب، فاعتقدت أن تلك المرأة تقول لي: إنها سعيدة برؤيتي، فاستغللتها فرصة و(فرشخت) لها بابتسامة عريضة مع غمزة بريئة خفيفة من طرف عيني الحولاء.

فما كان منها إلا أن تفتح لي جاعورتها بأقذع الألفاظ، وتنحني على الأرض تريد أن تأخذ شيئا ما، فكنت أسرع منها عندما أطلقت ساقي للريح لا ألوي على شيء، والحمد لله أنه لم يكن هناك أحد من رجال الهيئة، وإلا كانت هناك (علوم) - أي فضيحة بجلاجل -، ولا أستبعد أن هذا جزاء لي بسبب حسدي وغيرتي من الشيخ سلمان العودة.

[email protected]