من يراقب إيران؟

TT

بينما يراقب الجميع ما يحدث في ليبيا وسوريا وباقي دول العالم العربي، تقوم إيران بنفس الشيء. ربما يرى القادة في طهران أنه قد حان وقت صناعة القنبلة، فقد استسلم معمر القذافي ويوشك بشار الأسد على ذلك، فهل سيحين دورهم بعد ذلك؟ قد يسأل الملالي أنفسهم عددا من الأسئلة التي تبدأ بـ«ماذا لو». ماذا لو كان القذافي قد فجر القنبلة؟ هل كانت قوات حلف شمال الأطلسي لتجرؤ حينها على قصف ليبيا؟ هل كان الأوروبيون سيفكرون في خلع القذافي إذا وجه صواريخ نووية نحو إيطاليا أو فرنسا؟ ماذا لو كان الأسد يمتلك قنبلة نووية؟ هل كان الرئيس السوري سيكون بهذا الضعف؟ هل كانت تركيا ستصبح قادرة على التصرف باستقلالية إن كانت أنقرة وإسطنبول في مجال تأثير الأسلحة النووية السورية؟ هل كانت إسرائيل تشعر بالقلق من احتمال استهداف سوريا لها مما يدفعها للطلب من حلفائها عدم الضغط على الأسد؟

وفي الوقت الذي يراقب فيه القادة الإيرانيون تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط منذ بداية العالم الحالي، يحسبون المكاسب والخسائر المحتملة. لقد تولوا مقاليد حكم البلاد عام 1979 أي في العام نفسه الذي وقعت فيه مصر أول معاهدة سلام بين دولة عربية وإسرائيل. إلى أين ستقود الأحداث الجارية المنطقة؟ ولأي من هذين التوجهين ستكون السيادة؟

من جانب، هناك فرصة عظيمة لتألق النظام الإيراني، حيث تنهار الأنظمة العربية الاستبدادية الواحد تلو الآخر، ويرتعد القادة السنة الذين يكرهون الشيعة وتضعف الدول المنافسة التي تسعى للهيمنة. وتعاني السفارة الإسرائيلية في القاهرة من حصار، بينما يدعو الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى مراجعة معاهدة السلام مع إسرائيل. احتمال انمحاء الأنظمة القديمة أو أن تحل محلها أنظمة ضعيفة يمنح إيران فرصة عظيمة ليكون لها أطراف شريكة لها من غير الدول في منطقة الشرق الأوسط.

على الجانب الآخر، يمكن أن تؤدي هذه اللحظة إلى تراجع النظام الإيراني، حيث تعد سوريا حليفة طهران الوحيدة من بين الدول العربية وشريكتها في دعم تنظيمات إرهابية مثل حزب الله وحماس. ما الذي سيحدث للمصالح الإيرانية إذا فقد الأسد سيطرته على سوريا؟ ربما تظهر نماذج أخرى من الإسلام السياسي الأصولي في العالم العربي مما يحد من قبول النموذج الإيراني. ربما تكون كراهية الشعوب للأنظمة العربية الجديدة أقل وبالتالي ستكون أقل عرضة للضغوط الإيرانية.

الأهم من كل ذلك هو أن على الملالي إعطاء الأولوية لمستقبل نظامهم والثورة الإسلامية. ما الذي سيحدث لإيران إذا جعل الغضب الذي يجتاح العالم العربي الإيرانيين ينزلون إلى الشوارع مرة أخرى من أجل الإطاحة بنظام الملالي وهو ما تسعى إليه الضغوط الدولية المتزايدة؟ هل سيسيرون على خطى القذافي؟ هل سيستعدون على نحو أفضل من الأسد؟ وقد استغل الإيرانيون انشغال العالم بما يحدث، وعملوا على زيادة مستوى تخصيب اليورانيوم بحيث يصل إلى مستوى تصنيع سلاح نووي ونقل عناصر من عملية إنتاج اليورانيوم إلى منشأة تتمتع بحماية جيدة تحت الأرض. أي حماية أفضل من امتلاك قنبلة نووية بالنسبة إلى الملالي الذين يواجهون حالة متزايدة من عدم اليقين ويحاولون استخلاص الدروس المستفادة مما يحدث حولهم؟

لذا، ففي الوقت الذي يراقب فيه الإيرانيون ما يحدث في العالم العربي من تطورات، ينبغي على العالم أن يراقب إيران.

* سفير إسرائيل السابق

لدى الولايات المتحدة من 2006 إلى 2009

ورئيس «غليلوت فينشير كابيتال فاند»

* خدمة «واشنطن بوست»