المشاركة في ليبيا

TT

بالأمس كانت الذكرى الثانية والأربعين لانقلاب قاده معمر القذافي في ليبيا.. قام حينها بترقية نفسه إلى رتبة «عقيد» وأصبح بعدها حاكم ليبيا.

ولم يتمكن القذافي من الاحتفال بالذكرى الثانية والأربعين لتوليه السلطة؛ حيث إنه يعيش هاربا في بلده بعد أن أرسل عائلته إلى الجزائر المجاورة. ولكنه دعا أنصاره أخيرا للمقاومة.

وفي حين كان القذافي يوجه دعوته للمقاومة، كان ممثلون رفيعو المستوى لعدد من الدول استضافهم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يستعدون لمؤتمر حول مستقبل ليبيا. لم يكن هؤلاء ممثلين لدول فحسب، بل شارك ممثلون لمنظمات مثل الناتو والجامعة العربية، اللذين كان لهما ممثلون رفيعو المستوى في باريس.

لقد كان مؤتمر باريس حول ليبيا في 1 سبتمبر (أيلول) الحالي دليلا يظهر أن رياح الربيع العربي لم تؤثر على الدول العربية كافة بالصورة نفسها. لم نر مؤتمرا دوليا بهذا الحجم حول مستقبل تونس أو مستقبل مصر، على سبيل المثال. وعلاوة على ذلك، بعد أن شهدت تحولا سلميا، كانت مصر من بين المشاركين في المؤتمر. ومثل شعب ليبيا في باريس المجلس الوطني الانتقالي، واعترف بالمجلس على أنه النظير الشرعي من جانب الدول التي شاركت في مؤتمر إسطنبول الذي عقد في يوليو (تموز) الماضي.

ومن الأسباب وراء ذلك أن الاضطرابات استمرت لأكثر من نصف عام حتى الآن. وعلى عكس التحولات السريعة داخل تونس ومصر، كان واضحا أن القذافي لن يسلم السلطة على طبق من ذهب لمن يعتقد أنهم يسعون وراء النفط والغاز بدولته.

وتشير موافقة ساركوزي على مشاركة كرسي الاستضافة مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في عاصمته إلى أن ثمة مخاطر كبيرة في ما يتعلق بمستقبل الموارد المعدنية داخل ليبيا، إلى جانب الحريات وحقوق الليبيين.

وربما ليس لدى الشركات البريطانية والفرنسية والإيطالية الكثير لتعترض عليه في فكرة إعادة ترتيب ملكية وعمليات مصادر الغاز والنفط في ليبيا. ولدى دول مثل تركيا مخاوف بخصوص ذلك. وكانت لدى تركيا عقود تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، معظمها متعلق بإنشاءات، وذلك قبل بدء الاضطرابات.

والآن في ظل المشاركة في مستقبل ليبيا، تمارس شركات تركية ضغوطا على حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان كي لا تصبح مقاولين من الباطن لشركات تعمير فرنسية وإيطالية وأميركية في ليبيا الجديدة.

وإدراكا لذلك، وعرفانا بالدور الذي لعبته تركيا في جعل تدخل الناتو داخل ليبيا ممكنا، تروج شركات غربية كبيرة وحكوماتها لفكرة أن تركيا يمكنها الاحتفاظ بحصة التعمير في ليبيا الجديدة، حتى يمكنهم غض الطرف عما يحدث في مجالي النفط والغاز. وبالنظر إلى مخاوف العضوين الدائمين بمجلس الأمن، روسيا والصين، تزداد الصورة تعقيدا. ويبدو أن مؤتمرا واحدا لن يكون كافيا لحل المشكلة الليبية.

* بالاتفاق مع جريدة «حرييت ديلي نيوز» التركية