الأسد: إنكار حتى آخر لحظة!

TT

منذ أيام قليلة، عقد اجتماع عاصف وموتور في سوريا برئاسة ماهر الأسد، بحضور اللواء محيي منصور، وحضره مجموعة مهمة من ضباط الدفاع الجوي، وتم فيه إصدار أوامر لتجهيز قصف جوي لبعض قرى ومدن حوران، تم تخفيضها لاحقا لتكون مجرد طلعات ترهيبية فوق حمص والرستن، على أن يعقب ذلك لاحقا القصف المباشر. يجيء هذا التطور بعد أن أصبحت المظاهرات في سوريا بشكل يومي، وفي كل المدن؛ لا تفرق بين جمعة وأحد، وبين رمضان وشوال. إنها حالة ثورية بامتياز. العقوبات تطال قطاع النفط الحيوي، وهو ما معناه حرمان الاقتصاد السوري مما يقارب الـ80 مليون دولار يوميا، وتوقف إيران عن الدعم المالي للنظام السوري المتهالك، بعد أن قامت ببيع النفط الإيراني لمدة خمسة أيام متتالية بالليرة السورية، وتوريد كامل القيمة للبنك المركزي السوري، وكان ذلك منذ أربعة أسابيع، وها هي العقوبات الدولية تطال «النخاع الشوكي العصبي» للاقتصاد السوري، وهو رجال الأعمال الداعمون للنظام، وتوقف أرصدتهم وتمنع حراكهم إلى الخارج محدثة ضربة موجعة جدا للنظام، مما أثر بشكل مباشر على منظومة الأمن الخاص المعروف باسم الشبيحة، لأنهم كانوا يقبضون بشكل مباشر من رجال الأعمال.

والشبيحة يهددون بالإضراب عن العمل لتأخر تسلم مخصصاتهم، وغادر الكثيرون منهم إلى اللاذقية ومحافظات أخرى احتجاجا، ومصاريف «الشبيحة» أصبحت عبئا على رجال الأعمال، في ظل انحسار النشاط الاقتصادي؛ فالواحد منهم يقبض في اليوم 200 ليرة (42 دولارا)، وأيام الجمع يصل المبلغ إلى ما بين 7 إلى 10 آلاف ليرة (150 - 210 دولارات)، والشبيحة يختبئون في «وظائف» باتت مفضوحة للسوريين، مثل سائقي الأجرة والبائعين الجائلين والزبالين. رجال الأعمال بعضهم صدر في حقه أمر منع من السفر، مثل محمد كامل شرباتي، أحد أقطاب الصناعة بحلب (علما بأن الرجل هرب لبيروت) بعد أن أعلن دعمه للثورة، وكذلك الأمر بالنسبة لرجل الأعمال الآخر، سليمان طلاس فرزات، الذي كان محسوبا على النظام، بحكم قرابته لوزير الدفاع الأسبق، مصطفى طلاس، ولكنه هو الآخر أعلن دعمه للثورة.

وهناك مجموعة أخرى تستعد للرحيل من سوريا إلى تركيا ودبي وأوروبا في الأيام القليلة المقبلة، بعد أن اتصلت بسفارات أوروبية لإعلامها بموقفها الجديد.

وكان الخروج المدوي لنائب عام مدينة حماه، وإعلان انشقاقه على النظام، بمثابة صفعة مدوية على وجه النظام، وهناك تجهيز لإعلان انشقاق 64 مسؤولا مدنيا كبيرا في الأيام المقبلة، وخصوصا بعد تأمين الخروج الآمن لنائب عام حماه بعيدا عن أعين الأمن السوري الدموي. الآلة السورية الدموية متواصلة؛ فلا مكان للسجون لاعتقال المزيد فيها، وبدأت الملاعب والأندية تعبأ بالمعتقلين، وهو الذي اضطر النظام إلى إعلان تأجيل الدوري العام لأجل غير مسمى، وهناك حديث عن تأجيل المدارس والجامعات لامتلاء المدارس بالمعتقلين هي أيضا.

حاول النظام السوري إخراج أكثر من مسيرة تأييد للرئيس السوري، ولكن شيئا من هذا لم يحدث، وفشلوا في تجميع الناس وسط المظاهرات الغاضبة ضد النظام في كل مكان. الغضب الداخلي يتزايد، والتأييد الدولي لسقوط النظام واضح، ولم يتبق من مؤيد للنظام إلا الصوت الروسي الحريص على إبقاء فاتورة الـ4 مليارات دولار سنويا للسلاح السوري منه والقاعدة العسكرية الموعودة في طرطوس كأول إطلالة له على المتوسط، والصين، وهي اليوم أكبر شريك تجاري لسوريا، لها مصالح مع النظام، وإيران طبعا وخطها «الطائفي» مفهوم، ولبنان عبد المأمور ولا حول له ولا قوة، ولكن الموج العاتي قادم، والنظام في حالة إنكار مخيف، مما يعني أن النهاية على الأبواب.

[email protected]