نقطة عند نهاية كل سطر!

TT

ظهرت كتب كثيرة تتحدث عن الموتى وآخر كلماتهم.. وكيف أن عددا منهم قد أغاظه الموت، فسخر منه حتى النهاية.. ولكن أناسا كانوا أكثر حظا من الحياة فقد أعطاهم الموت آخر فرصة ليقولوا كلمة واحدة.. فكانت كلمتهم مريرة.. فقد أحسوا أنهم خُدعوا.. وفُوجئوا بأنهم انتهوا.. وانكشفوا، فقد توهموا أنهم لن يموتوا، وانكشف الموت الذي خدعهم بما في الحياة من جمال ودلال حتى أنساهم أن للحياة نهاية.

إن الفيلسوف الفرنسي مونتي عندما جاءه الموت أخرج له لسانه.. والموت ليس إلا سيفا على رقاب العباد.. وأمامه وقبله وبعده غابات من علامات الاستفهام والتعجب.. وإذا كنت لم تعرف ما هي الحياة، فكيف تعرف ما هو الموت؟! فما هو حقا؟!

إنه عربة تقف عند كل باب.. إنه يصحح كل الأخطاء.. ويجفف كل الدموع.. إنه سكين على رقاب العباد.. إنه نقطة في نهاية كل سطر! إذا كانت الشيخوخة هي الانسحاب الهادئ من الحياة فالموت نهاية الانسحاب! قليلون جدا: أصدقاء الموتى!

أن أموت فهذا شيء لا يخيف.. ولكن أن أموت عارا فهذا هو المخيف! هؤلاء العظماء كالأشجار يموتون واقفين.. وإذا ماتوا جاء موتهم عند قمتهم! أن تموت أسدا خير من أن تعيش كلبا.

الموت هنا.. الموت هناك.. الموت مشغول بالحياة في كل مكان.. كل مكان: مقبرة.. كل زي: كفن.. كل بداية: نهاية.. كل حي: ميت!

عندما أحس الفيلسوف الإغريقي انكاغوراس بالموت قال لزوجته: أعطي الأطفال إجازة!

عندما نظر الإسكندر الأكبر إلى زوجته وهو على فراش الموت قال: لا بد أنك مرهقة.. آسف لن يطول ذلك!

عندما أدرك الموت العالم الرياضي الإغريقي أرشميدس التفت حوله، وقال: كل ما أحتاج إليه هو لحظة واحدة.. فلا تزال عندي مشكلة لم أنجح في حلها!

أصيب الموسيقار العظيم بتهوفن بالصمم في نهاية حياته، ولما اقترب منه الموت أمسك ورقة وقلما وكتب: في السماء سوف أستمع إلى الموسيقى!

الموت هو العدل الذي لا يفرق بين الغني والفقير.. بين القاتل والقتيل! الحياة سباق بيننا.. الحياة قتال بيننا.. الموت راحة من كل ذلك! الموت يفتح باب النسيان، الموت يغلق باب الأمل! عندما تصبح الدنيا عذابا والأمل مستحيلا.. تقول لك الحياة: وداعا.. ويقول لك الموت: مرحبا!

عندما يموت الرجل فآخر شيء يتحرك فيه: قلبه.. عندما تموت المرأة فآخر شيء يتحرك فيها: لسانها! من يخاف الموت لا يعيش!