مذكرات «مستشار ملك».. حربان وانقلاب

TT

هل ثمة مكان لكتاب آخر عن حربي 1967 و1973؟ ربما، إذا عرفنا هوية المؤلف: جاك أوكونيل، مدير محطة الـ«سي آي إيه» في الأردن منذ 1958، الذي ذهب إلى عمان للمرة الأولى ليبلغ الملك حسين بأن الملحق العسكري الأردني في واشنطن يعد انقلابا عليه مع 22 ضابطا آخر. كان الملك في الثانية والعشرين، وعمان قرية كبيرة من 4 دوائر، وعند الدائري الثالث، قرب السفارة البريطانية، كانت ترعى الأغنام.

في «مستشار الملك»، الصادر حديثا، يروي أوكونيل الجانب الذي كان هو ضالعا فيه. يقول إنه علم في 4 يونيو (حزيران) 1967، من الملحق العسكري في سفارة أميركا في إسرائيل، أن الإسرائيليين سوف يبدأون الحرب على مصر في الثامنة من صباح اليوم التالي ولمدة أسبوع. بحث فورا عن الملك حسين فوجده يسهر عند صديق له، فتوجه إليه، واستأذنه أن يخرج، فأبلغه بالأمر. تلك الليلة أبلغ الملك الرئيس جمال عبد الناصر بالأمر مرتين. وفي الثامنة من صباح 5 يونيو ضربت إسرائيل مطارات مصر ودمرتها خلال نصف ساعة.

يكشف أوكونيل أيضا عن أن رفيقا له في الوكالة أخبره بأن هنري كيسنجر حرَّض مصر على خوض حرب أكتوبر (تشرين الأول) لكي يؤدي ذلك إلى صلح يسحبها من طوق المواجهة. وفي جملة الإثارات التي يرويها أنه في 14 يوليو (تموز) 1958 استقبل الملك حسين قائد الجيش العراقي رفيق عارف، الذي أرسلته حكومته لتحذير الملك من مؤامرات مصر عليه. لكن الملك قال له: لا تقلقوا عليَّ، بلغ ابن عمي الملك فيصل أن يحترس. وأبلغه ألا يثق باللواء عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف لأنهما يتآمران عليه. وأطلعه الملك على أسماء الضباط الشيوعيين ومناصريهم. وأجاب عارف: اهتم بنفسك جلالة الملك، نحن قادرون على حماية أنفسنا.

في 14 يوليو 1958 تزعم اللواء عبد الكريم قاسم الانقلاب الذي أطاح بالنظام. وقامت بالانقلاب فرقة العقيد عارف التي كانت مرسلة إلى الحدود الأردنية لدعم الملك حسين، فاحتلت الإذاعة والوزارات وذهبت إلى قصر الرحاب، حيث قتل الملك فيصل وخاله عبد الإله في حديقة القصر. ودخل الجنود إلى القصر وقتلوا كل من رأوه. وقطع رأس الأمير عبد الإله الوصي على العرش وسحلت جثته في شوارع بغداد.

في عمان، استمر استجواب الضباط الذين رفضوا الإقرار بشيء، إلى أن انهار أحدهم عندما أُبلغ بأن المرأة التي حملت منه في واشنطن قادمة مع طفلها إلى الأردن. وبدأت سلسلة الاعترافات.