مذكرات «مستشار ملك».. المتعجرفون

TT

يخلص جاك أوكونيل في «مستشار ملك» إلى أن إدارة ليندون جونسون لعبت دورا سيئا خلال وبعد حرب 1967، خصوصا حيال الأردن والملك حسين، فقد كانت على معرفة سلفا بالضربة الإسرائيلية. وبعد النكسة استدعاه المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة آرثر غولدبرغ وقال له بعجرفة موصوفة: «هل في إمكاني أن أثق في ملكك الصغير هذا؟». ومضى يقول: «معي شيك على بياض من الرئيس، وكذلك موافقة الجالية اليهودية في أميركا. كلاهما سوف يقبل أي شيء أقرره. ويجب على ملكك والعرب الآخرين أن يعرفوا أن المفتاح في يدي».

لكن أوكونيل لم يكن يثق في المندوب الذي يمثل أميركا في إعداد القرار 242 فطلب منه أن يضع الحوار خطيا. وبعد سنوات طلب الأوراق من الخارجية الأميركية فقيل له إنها اختفت. ويقول إن كل ما كانت تريد أميركا آنذاك هو قرار دولي تتم الموافقة عليه وليس قرارا يتم تنفيذه فعلا، فقد وافق الأميركيون مثلا على مبدأ الانسحاب من القدس الشرقية، لكن إسرائيل ضمت الضفة الغربية والقدس معها. وفي تفسيرهم للقرار صاروا يسمون الاحتلال عقبة في وجه السلام وليس غير شرعي، مع أن المحكمة الدولية قضت بأن المستوطنات غير شرعية ويجب تفكيكها.

العام 1968 بدأ الملك حسين يشعر باليأس من الموقف الأميركي، فقد رفضت واشنطن، بضغط من إسرائيل والجالية اليهودية، إعادة تسليح الجيش الأردني الذي خسر 5 آلاف عسكري في حرب 1967 وكل عتاده. «حاولت السفارة الأميركية في عمان إقناع واشنطن بأنها تخسر حليفا استراتيجيا، لكنها لم تلقَ سوى آذان صمّاء».

اتجه الملك حسين نحو السوفيات فوجّه الدعوة إلى وفد عسكري للبحث في صفقة أسلحة. عندما علم الأميركيون بالأمر أسرعوا يطلبون منه منحهم بعض الوقت، ثم طلبوا من قائد الجيش الأردني الجنرال عامر خماش السفر إلى واشنطن ومعه لائحة بالأسلحة المطلوبة. عدا ذلك ظلت إدارتا جونسون وريتشارد نيكسون على مواقفهما (وهي سياسات لم تتغير إلا قليلا حتى الآن). وقد تردد في عمان أن السفير الأميركي قال: «لقد ظلت الضفة الغربية مع الأردن طوال 24 عاما، فماذا يضير أن تبقى مع إسرائيل السنوات العشرين التالية؟».

يقول أوكونيل: «رغم المخاطرات الكبرى التي خاضها الملك، فقد خذله الأميركيون والإسرائيليون على السواء. ذلك هو الثمن الذي دفعه فقط ليكتشف أن الإسرائيليين يفضلون الأرض على السلام وأن الأميركيين لم يكونوا يهتمون كثيرا بأي من الخيارين ينتقي الإسرائيليون. وكان الملك يشعر أن هذه المعضلة لن تنتهي إلى حل عادل».

كان ذلك قبل نحو 40 عاما. لا أعتقد أن الكثير قد تغير في العلاقات العربية الأميركية التي تدخل مفترقا جديدا الآن اسمه الدولة الفلسطينية.