قالها الصلابي أخيرا!

TT

قبل بضعة أيام، حينما دخل المقاتلون الثوار مدينة طرابلس، وهرب القذافي منهم مع من معه إلى مكان ما، تحدثنا عن دلالة أن هؤلاء الثوار كانوا بقيادة «جهادي» ليبي شهير، وعن شكوى الشيخ عبد الجليل، رئيس المجلس الانتقالي، من العناصر الدينية المتطرفة في صفوف الثوار، واعترافه الشجاع بوجود متطرفين في جانب الثوار، خصوصا بعد أن قتل ثلة منهم في لحظة افتئات على السلطة، القائد العسكري للثوار، ووزير الداخلية السابق، عبد الفتاح يونس.

البعض - كما أشرنا - لا يريد التوقف أبدا عند هذه الحقيقة، ويرى أن في ذلك تشويها لصورة الثورة الليبية.

الخشية من إزاحة، أو على الأقل إعاقة، الصوت المدني للثوار الليبيين، هي خشية مشروعة مع سفور وجه الأصوليين الليبيين في صفوف الثوار. نعم ما زالوا صوتا غير قيادي ولا رئيسي، لكنه صوت يتنامى بشكل مقلق.

مما سبق ذكره هنا يبرز التحذير من توجيه الأصوليين الليبيين خطاب وعمل المواجهة لديهم من القذافي ونظامه، بعد الفراغ من مهمة إسقاطه، إلى أعضاء المجلس الانتقالي والسلطة «المدنية» الليبية الجديدة، باعتبار أن هذه السلطة «علمانية».

وبالفعل هذا ما حصل قبل أيام، حيث دعا إسماعيل الصلابي، قائد كتيبة «17 فبراير» للثوار في مدينة بنغازي، الحكومة الانتقالية التابعة للمجلس الوطني الانتقالي الليبي إلى الاستقالة، قائلا إنها من بقايا النظام القديم، كما وجه انتقاده للجماعات العلمانية، التي تسعى لتشويه صورة الإسلاميين.

وقال الصلابي لقناة «الجزيرة»: «لم تعد هناك حاجة لدور اللجنة التنفيذية التي تمثل حكومة فعلية للمجلس الوطني الانتقالي، لأنها من بقايا النظام القديم». وانتقد، في مقابلة أجرتها معه وكالة «رويترز»، ما وصفتها الوكالة بـ«الجماعات العلمانية»، قائلا إنها تسعى لتشويه سمعة الإسلاميين.

وهذا مؤشر خطير ومبكر، وسلطة القذافي لم تطلق عليها رصاصة الرحمة بعد، بل ربما أنها ما زالت تشكل خطرا قائما على أصحاب السلطة الجدد في ليبيا.

العاقل من يئد المشكلة في مهدها، ولا يدمدم، أو يغمغم، من أجل تسويق صورة مزوقة عن الحال.

هناك متشددون دينيون في صفوف الثوار، لديهم رؤية أخرى لشكل الدولة، وعلاقات السلطات بعضها ببعض، وصورة ليبيا بشكل عام، قوامها نظرة ليست بذلك البعد عن نظرة الملا عمر في أفغانستان، أو في أحسن الأحوال نظرة الشيخ صفوت حجازي في مصر.

نقولها مرة أخرى: إن لم تعالج هذه المشكلة الآن، عبر الاعتراف بها أولا، ثم مواجهتها ثانيا، فسوف تكون معضلة كبرى في القريب العاجل، وتصريحات الصلابي هي أول الغيث، بل أولى هبات رياح السموم.