اسكتي.. لكي لا يسمعك ملك الموت

TT

أعرف أحد الرجال، سبق أن حضرت يوم زفافه، وقدر له بعد عام واحد أن يرزق ببنت سماها خلود، وفي العام الثاني رزق بولد وتقديرا منه لي أراد أن يسميه باسمي غير أنني نصحته أن لا يفعل ذلك لأنني بالأساس أتشاءم من اسمي ولا أضمن له النتائج، ورضوخا لإصراري أطلق عليه اسم عصام.

وكنت أعتقد أن الحكاية انتهت إلى ذلك، غير أن زوجته كان لها (نِفْس) أن تأتي ببنت أخرى لكي تسلي وتلعب مع خلود ـ حسب تعبيرها ـ وحصل لها ما أرادت.

فذهبت إلى منزله مهنئا قائلا له: الآن عليك أن تحمد ربك على ما أعطاك، ونصيحتي لك الآن أن تكتفي بذلك (وتربط حمارك)، غير أنه سخر من كلامي قائلا: لا، أريد أن آتي بأخ لعصام لكي يحصل توازن في أسرتي الصغيرة هذه.

وبعدها (كرت السبحة)، وفي كل عام تتلقح زوجته و(تمسط) ببنت ورى بنت.

واستمرت المسكينة على هذا الحال والمنوال 12 سنة بالتمام والكمال، وآخرها هذه السنة لتلد البنت رقم 14، حتى يأتي أخ ذكر لعصام دون أي فائدة ترجى.

وكادت الأم في ولادتها المتعسرة الأخيرة أن (تفطس) ولكن الله نجاها، ونصحها الأطباء أخيرا أن تتوقف نهائيا عن هذا العبث غير المجدي.

وما زال أبو عصام مهموما ومتبرما ومصرا، إلى درجة أنه يفكر جديا بالزواج من امرأة أخرى على أمل أن يأتي بأخ ذكر لعصام، فما كان مني بعد أن طفح الكيل بي إلا أن أقول له: (موت يا حمار إلى أن يأتيك الربيع).

وكانت كلمتي تلك له هي (القشة التي قصمت ظهر البعير)، لأنه بعدها قاطعني نهائيا.

ولا أدري هل أنني في تصرفي ذاك معه كنت على حق أم أنني كنت مخطئا؟!

* * *

قال لي أحد الحكماء: إذا أردت أن تؤذي أحدا فلا تتكلم عنه بالسوء، بل أقصر حديثك عنه على الثناء، ومن يومها أصبح هذا هو ديدني، فكلما جالست أحدا لا أطيقه أخذت أمطره بوابل من المدائح الكاذبة إلى أن أشاهد أوداجه وهي تنتفخ من شدة الزهو.

فهل أنا أعتبر بهذه الطريقة والوسيلة من زمرة المنافقين، أم من زمرة الأذكياء الخبثاء؟!

* * *

إنكم لا تتصورون مدى إعجابي من رد رجل تجاوز التسعين من عمره وهو يستمع إلى قريبة له وهي تماثله بالعمر.

وذلك عندما قالت له: إننا أنا وأنت (يا أبو فلان) اقتربنا من عامنا المائة.

فأجابها وهو يهمس قائلا لها: اسكتي، الله يرضى عليك، لكي لا يسمعك ملك الموت.

[email protected]