مذكرات «مستشار الملك» كان يغبطه على لقبه

TT

أثار موقف الملك حسين إلى جانب العراق وصدام حسين تساؤلات وعلامات استفهام في العالم العربي والخارج، من دون أن يتوصل أحد إلى أجوبة مقنعة. ما زلت أذكر الراحل الكبير غازي القصيبي يوم هو سفير لدى البحرين يقول لي «هل تعتقد أن صدام هدد الرجل بالاغتيال؟»، يقول نايجل أشتون، أحد الذين كتبوا سيرة العاهل الراحل إن «ثقته بصدام حسين كانت ربما أسوأ أخطاء حكمه».لكن جاك أوكونيل يعطي في «مستشار الملك» صورة أخرى لتلك العلاقة. يقول إن ولي عهده الأمير الحسن حاول طوال سنوات ثنيه عن تلك الصداقة «لكن الملك اتجه أولا نحو العراق في سياسته الأمنية الإقليمية في أواخر السبعينات عندما عمدت أميركا ومصر وإسرائيل إلى إبقاء الأردن خارج مسار كامب ديفيد. واعتمد الأردن على العراق في توفير نفط رخيص، كما لعب دور شحن السلاح عبر العقبة خلال حرب العراق - إيران. لا يمكن أيضا أن ننكر أن صدام كان يحترم الملك، كما أن تعاطف الملك مع صدام كان - ربما - عائليا. فالعراق كان حتى اغتيال ابن عمه الملك فيصل جزءا من المملكة الهاشمية. وفي كل مرة زار العراق كان صدام يرافقه إلى قبر ابن عمه، الذي لم يمزقه صدام ويرمه في البحر. وكان يضع الزهور على القبر. وكان الملك حسين يحدثني عن ذلك بمشاعر جياشة: الجميع كان يعرف أننا نذهب إلى هناك. كان يقام عرض عسكري صغير وكان يتركني أضع زهورا على القبر وأقيم الصلاة وألقي التحية».

«أعتقد أن صدام كان يغبط الملك على لقبه. كان كلاهما رئيس دولة، لكن الملك كان ملكا وصدام كان مجرد رئيس». وذات مرة كان صدام على وشك أن يعدم ابنه عدي لأنه قتل طباخه، فما كان من زوجة صدام إلا أن اتصلت بالملك في عمان قائلة: صدام يريد أن يقتل ابننا، فهل تستطيع المجيء إلى بغداد؟ حمل نفسه وطار إلى بغداد وأقنع صدام بعدم المضي في قتل ابنه.

«لم يعرف أحد بالمسألة، لأن الملك ذهب بمفرده. كان له نفوذ على صدام. ساجدة كانت تعرف ذلك والملك كان يعرف ذلك. كان كل منهما في حاجة إلى الآخر. ولم يكن شقيقه الحسن يوافقه على ذلك. فقد كان ولي عهده ينظر إلى صدام مثل الآخرين، على أنه طاغية قاتل. أما الملك فكان يعتقد أنه قادر على استخلاص شيء جيد منه مهما كان ذلك صعبا. وهكذا تصرف مع عرفات عبر السنين. والملك كان هو من أعاد مصر إلى الصف العربي رغم تضرره من صلحها المنفرد مع إسرائيل».

يرى أوكونيل أيضا أن صدام أعرب غير مرة عن رغبته في علاقة حسنة مع أميركا. وقد بدأ تلك الاتصالات دونالد رامسفيلد، الذي أصبح وزيرا للدفاع لدى الاحتلال الأميركي للعراق. كما يقول إن أميركا هي التي لم تتجاوب مع رغبات صدام.