فراشة حول النار!

TT

كنت أقول لنفسي إن الحب أعمى.. وعرفت اليوم أن الخوف أعمى.. وأن الغضب أعمى.. وأن الجشع أعمى..

وأنا اليوم كل هؤلاء.. أنا أحبك وأغضب منك.. وأخاف عليك.. ولا أريد سواك.. أنا في كلمة واحدة أغار عليك.. وعذابي في ثلاث سنوات معك أنني كنت أقوم بدور الفراشة التي تحترق حول المصباح.. بل حول النار!

احترق جناحاي.. واليوم أتعلم الزحف على الأرض.. فلقد تحولت من طائر يمشي فوق السحاب إلى حشرة تصطدم بالأرض.. تمرغ خديها في التراب.. وأنا السبب.. نعم.. أنا السبب.

وما دام كل شيء قد انتهى هكذا فجأة.. فلا بد أن أروي لك الحقيقة.. أن أبعث لك بآخر ما عندي.. وكل ما عندي.. وأنا اليوم على فراش الموت.. والميت لا يكذب.. وأنا اليوم في الحضيض.. والذين في الحضيض لا يكذبون.. لأنهم وصلوا إلى أسوأ حال.. ولا أمل لهم في النجاة ولذلك فإنهم من شدة اليأس لا يكذبون!

هل تعرف تلك الليلة.. التي اختلفنا فيها.. وشعرت أنت أن المسافة بيني وبينك تتباعد وتتباعد حتى أصبحنا في عالمين مختلفين؟ في تلك الليلة كانت الأنوار خافتة.. الموسيقى صارخة.. الناس حولنا يضحكون.. وفي ركن من الأركان ارتفعت يد لتحيتي.. وابتسمت أنا وهززت رأسي أرد التحية.. ونظرت أنت إلى هذا الشاب الذي حياني.. ورأيت الغيظ في وجهك.. لكنك لم تقل شيئا.. وكان منتهى أملي أن تثور.. أن تسألني من هذا.. لكنك كعادتك جلست كأن شيئا لم يحدث.. جلست هادئا.. وحاولت أن تشغل نفسك بالموسيقى والرقص..

هل تعرف الخطابات التي سقطت من حقيبتي.. وتمسكت بها.. وحاولت أن آخذها منك؟ هذه الخطابات قد أعددتها لكي تراها أنت.. هذه الخطابات قصدت أن تقع أمامك وتعمدت أن أتلهف عليها.. وافتعلت الخوف منك.. لكني في الحقيقة أردتك أن تراها.. لم أكن أعرف أن هذه الخطابات ستكون وثيقة اتهام.. لم أكن أعرف أن هذه الخطابات هي حيثيات الحكم لطردي من عالمك وإعدامي على باب رحمتك!

سيدي وحبيبي.. هذا الشاب الذي رأيته يحييني في الظلام إنه أخو (ع...) صديقتي وزميلتي أنا التي اتفقت معها على أن يحييني.. وأن يتظاهر بأنه صديق.. وأنا التي تظاهرت بالحرج.. وتظاهرت بالخوف منك.. وهذه الخطابات التي وقعت في يدك وادعيت أنها لا تزال عندك!