ما يصحش

TT

لا يعرف أحد على وجه الضبط النسبة الحقيقية لمؤيدي الثورة في مصر. ولا يعرف أحد برنامجها، باستثناء الخلاص من نظام الرئيس مبارك وهزليات التوريث ورموز الفساد. ثم إن المداومة الأسبوعية في ميدان التحرير أحدثت بلبلة في هويات الثوار ومواقفهم. فـ«الإخوان» يقاطعون مهرجانا ويحضرون آخر، دون عذر أو تقرير شرعي. والمتشددون لم يتفقوا بعد على ممثل شرعي وحيد ولا استنكروا عمليات قطع الأيدي والأرجل وتمزيق الأقفية بالخناجر، عقابا للمرتكبين. وحركة 6 أبريل تتظاهر لحسابها بعيدا عن الجميع. والأكثرية الصامتة عادت إلى بيوتها وتركت في الميدان شبانا يصرخون، من دون أن نفهم تماما من يستصرخون.

وهناك قضية إحراق السفارة الإسرائيلية والمطالبة بإلغاء المعاهدة. وما من شك أن جزءا كبيرا من المصريين (والعرب) مع إلغاء المعاهدة، لأن الإسرائيليين يوقعون معاهدات السلام ثم ينتخبون نتنياهو، الذي فاز للمرة الأولى بأصوات السجناء بأحكام خائنة. وهو الذي اختار الائتلاف مع أفيغدور ليبرمان، المدان دون حكم. ولكن الخروج على السفارة الإسرائيلية والمعاهدة، يمكن أن يتم من دون الخروج على الحكومة والدولة والمجلس العسكري.

لقد «عين» الثوار رئيس الحكومة قبل أشهر وأمس خرجوا يطلبون إقالته. وأمن الجيش المصري للثورة أهم تغيير آمن في تاريخ الثورات، والآن يريد الناطق باسم اتحاد الثوار (اعفوني من تذكر الاسم) تغيير المجلس، ويحذر من انتخاب أي رئيس ذي خلفية عسكرية. يا مولانا، سيادتك طالبت بالحرية والديمقراطية فاذهب غدا إلى الانتخابات واقترع لمن تشاء. لكن من الآن وحتى ذلك الموعد، دعنا نتفق على أن تبقى مصر. ومصر لا يمكن أن تبقى بعد إلغاء أمن الدولة وهجرة رجال الشرطة، والآن إصدار الأوامر لقادة القوات المسلحة من الساحات العامة. القادة لهم قيادات تأمرهم.

سمعناك تدافع في (برنامج بانوراما) عن مظاهرة «الأهلي» وتقول إن المظاهرات في كل العالم تقال فيها تعابير بذيئة. مش صحيح أبدا، سيادتك. واللي عندو قضية زي مصر ما يقللش في أدبه. اهدأ قليلا حضرتك: إذا كان الخيار بين مصر وحصتك من أهل الثورة، فالخيار يا سيدي مصر.

لن يشجع على المجيء «برجل ذي خلفية عسكرية» سوى هذه العجرفة في مخاطبة أهل مصر ومؤسساتها، ما بقي منها، وما فرطته الثورة. لأول مرة في تاريخها المعاصر، تشعر مصر بهذا الخوف في أريافها ومدنها وليلها ونهارها. وهذا لا يعني عودة مبارك والعادلي. هذا يعني عدم الدفاع عن البذاءة على أنها سلوك عالمي، مش صحيح. وما يصحش!