في كل «خرابة» عفريت!

TT

المثل الشعبي يقول فلان له في كل «خرابة» عفريت.. أي إنه يجد شيئا يخيفه في كل مكان.. والأصح أن يقال له في كل «عمارة» عفريت.. وهذا حال كل الناس!

فالماء ضار والهواء ضار.. وأشعة الشمس والأدوية نفسها ضارة!

والإنسان هو الذي يصنع ما يخيفه.. فإذا كان في أمان اخترع ما يقلقه.. وإذا كان في سلام حمل السلاح.. وإذا كان في صحة أسرع إلى المرض بالإسراف في الطعام والشراب والتدخين والرجيم.. وإذا كان لا يعاني من الأرق اخترع المسكنات والمهدئات والمنومات والمخدرات وتفنن في المخدرات الكيماوية والنباتية والعقائدية.. الدينية والسياسية. وأصبح بعد ذلك سلاحا خطيرا ضد الآخرين - هؤلاء الصغار الذين يخدعونهم عن طريق المخدرات من كل نوع بأن يقتلوا ويدمروا.

وللخروج من أزمة المخدرات لا بد أن يخترع الإنسان المنبهات.. وبقدر ما يكون التخدير يكون التنبيه.. فالمخدرات تصنع العنف.. والمنبهات تصنع العنف أيضا.

وأمل الإنسان في كل عصر أن يجد الدواء الذي يشفي من كل الأمراض.. ويظهر النصابون من المشعوذين ومن شركات الأدوية التي تفاجئ الملايين بدواء جديد ساحر باهر.. وبعد أن تجمع شركة الأدوية ألوف الملايين نكتشف أنها مؤسسة للنصب والاحتيال!

وإذا كانت الميكروبات تتربص بالإنسان وكذلك الأشعة الكونية تتسرب من فتحات الأوزون، فإن الكون كله حولنا يتربص بالكرة الأرضية.. ولذلك فكل يوم يؤكد لنا علماء الفلك أن جسما فضائيا يدور حولنا من ألوف السنين.. وأنه قد حان له أن يستقر على أرضنا.. ولكي يستقر فلا بد من أن يقترب بسرعة هائلة وأن يرتطم بالأرض.. فإذا ارتطم بالأرض جفت المياه واحترقت النباتات والإنسان وتصدعت الأرض كهوفا ومقابر جاهزة لكل أشكال الحياة. وعندما يتأكد العلماء أن الإنسان قد أصابه الرعب يعودون فيراجعون حساباتهم الفلكية ويؤكدون لنا مرة أخرى أن هذا الجسم الضال سوف يمر بالقرب من الأرض ولن يصيبها!